الأربعاء، 1 أبريل 2009

مأسسة العنصرية والتمييز العنصري "فلسطين نموذجا "




ورقة خلفية مقدمة إلى
الاجتماع التحضيري العربي لمراجعة ديربان
(القاهرة 28 – 29 مارس/آذار 2009)

المقدمة
لا تفرد دراسة مسار مكافحة العنصرية والتمييز العنصري في الوطن العربي هذا القسم الخاص للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية لشعوب الأمة العربية فحسب، ولا جراء إعدادها فى ظل العدوان الإجرامى على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة الذى أدانته شعوب العالم، ولكن إنطلاقا من تحليل راسخ مؤسس على مبادئ القانون الدولى يخلص إلى أن العنصرية والهيمنة الأجنبية المتواصلة هى الأساس وراء معاناة الشعب الفلسطينى الذى يعانى من عقود من الاستعمار الإحلالى، والاحتلال الأجنبى، والتمييز العنصرى المؤسسى. وقد تبنت وثيقة المنظمات غير الحكومية فى منتدى المنظمات غير الحكومية فى ديربان 2001 هذا المنطلق بينما أخفقت مقررات ديربان الصادرة عن المؤتمر الرسمى فى تبنيه.

فرغم أن الشعب الفلسطينى معَرف صراحة فى إعلان ديربان كأحد ضحايا العنصرية والتمييز العنصرى إلا أن مقررات ديربان لم تدرج العنصرية والتمييز العنصرى صراحة كأسباب جذرية لمأساة الشعب الفلسطينى. فمن جهة لم يتضمن الإعلان أية توجه للدول فيما يتعلق بكيفية معالجة ظاهرة العنصرية فى سياق القضية الفلسطينية، ومن جهة ثانية يكرر الإعلان لغة الأمم المتحدة وخطابها التقليدى فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين وبعملية السلام. ولهذا اعتبرت منظمات حقوقية فلسطينية برنامج ديربان للعمل غير ذى معنى فيما يتعلق بالشعب الفلسطينى كأحد ضحايا العنصرية والتمييز العنصرى.

ورغم الجهود الدبلوماسية التى بذلت منذ تبنى مقررات ديربان 2001، واصلت إسرائيل اعتداءاتها على الشعب الفلسطينى كما عمقت ممارستها العنصرية، وقامت بشكل إنفرادى بإلغاء معظم الترتيبات الخاصة بإنشاء سلطة الحكم الذاتى الفلسطينى المقررة بموجب اتفاقيات أوسلو عبر حملاتها العسكرية العدوانية والمتواصلة، وسرعت من جهودها لتغيير الواقع الجغرافى والديموغرافى فى الأراض الفلسطينية المحتلة فى العام 1967 كما عمقت من إجراءاتها التميزية حيال عرب 1948 وفرضت منذ العام 2006 حصاراً مطبقاً وشاملاً على قطاع غزة بلغ ذروته منذ منتصف العام 2007 وأعتبر على المستوى العالمى على أنه "شكل متطرف من أشكال العقاب الجماعى للسكان المدنيين" وأطلق عليه أحد الخبراء الدوليين إصطلاح "التمهيد لارتكاب جريمة الإبادة البشرية". وتبعته منذ السابع والعشرين من شهر ديسمبر/كانون أول 2008، ولمدة 22 يوماً متصلة بحرب شاملة لم


تميز فيها بين بشر وحجر. فعلى مستوى البشر لم تميز بين مدنيين ومقاومين، كما لم تميز بينهم وبين الأطفال والنساء والشيوخ ولا المسعفين والإعلاميين، فجميعهم كانوا أهدفاً مستباحة بلا ملاذ، وبين الحجر لم تميز بين منشآت المقاومين والأعيان المدنية فقصفت المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والمنازل جنبا إلى جنب مع المقار الأمنية. وطالت فى اعتداءاتها الإجرامية مقار الأمم المتحدة التى اتخذها المدنيون الأبرياء ملاذا من القصف والهجمات العسكرية.

1- تهجير الفلسطينيين :
منذ قيام إسرائيل بالتهجير الأول والأكبر للفلسطينيين وبتدمير وطنهم فلسطين عام 1948، لا تزال إسرائيل تواصل حرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة بالقوة، وبالتشريعات العنصرية، و بالأحكام القضائية. فعلى سبيل المثال قامت إسرائيل عام 2001 بإصدار قانون حمل اسم : قانون ضمان إسقاط حق العودة لعام 2001 ، وفي عام 2003 قامت المحكمة الإسرائيلية العليا بنقض حكم سابق لها كان يقضي بالسماح للفلسطينيين المهجرين داخليا من سكان قرية اقرث بالعودة إلى قريتهم وبيوتهم التي ’هجروا منها. وقد سببت المحكمة الإسرائيلية حكمها هذا بعدم الرغبة في تسجيل سابقة قانونية – قضائية قد ينتفع بها اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين مستقبلا، بدعوى أن مشكلة اللاجئين لا يتوجب حلها إلا في إطار المفاوضات السياسية.

وكنتيجة لسياسات إسرائيل وإجراءاتها، جرت موجة جديدة من التهجير القسري للفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967 وفي داخل الخط الأخضر. ويقدر أنه قد تم تهجير أكثر من 115000 فلسطيني داخليا في المناطق المحتلة عام 1967 خلال العقود الأربعة الأخيرة. وحاليا، لا يزال هناك266442 فلسطينيا يقطنون في 78 تجمعا فلسطينيا معرضين لخطر التهجير. وفي قطاع غزة، تسببت العمليات العسكرية في الفترة ما بين 2000 – 2004 وحدها بتهجير أكثر من خمسين ألف 50000 فلسطيني، تهجيرا داخليا للمرة الثانية.

2- مصادرة وضم الأراضى الفلسطينية :
وقامت إسرائيل حتى مطلع العام 2008 بمصادرة وضم أكثر من 3350 كم) 2 من أصل 5860 كم 2) من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وذلك لأغراض الاستيطان اليهودي، فضلا عن أنها من الناحية الفعلية تسيطر على كل فلسطين التاريخية. وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي والمبادئ العامة للقانون، تواصل إسرائيل إتباع وتطبيق سياسات عنصرية تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد لمصلحة المستوطنين اليهود حصرا.

3- الاستعمار الاستيطاني
وقد تمددت خارطة الاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية، وتتزايد بكثافة، وتعتبر المناطق الأكثر تأثرا هي شرقي القدس، ووادي الأردن، والأراضي الزراعية في المنطقة (ج) وتحديدا تلك المحاذية للجدار. ومنذ قمة انابوليس تم الإعلان عن عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة المخصصة لليهود. وباشرت العمل فعلياً في المزيد من المخططات السابقة.

وكشف تقرير لحركة السلام الآن في فبراير/شباط 2009 ان النشاط الاستيطانى اليهودى قد زاد في العام 2008 بنسبة 60% عن مثيله في العام 2007 ، كما رصدت نقلا عن الموقع الرسمى للحكومة أن وزارة البناء والإسكان تنوى إقامة 300,73 وحدة سكنية من بينها 15 ألف وحدة سكنية على الأقل ضمن مخططات سارية المفعول ، و 58 ألفا أخرى لم يتم المصادقة عليها نهائيا بعد، وتتناول هذه المعطيات مخططات وزارة الإسكان وحدها والتي تشكل جزءا صغيراً من مجموع المخططات الخاصة بالاستيطان، إذ أن هناك آلاف أخرى من الوحدات السكنية المخططة ضمن برامج السلطات المحلية من قبل جهات فردية وهيئات عامة أخرى. ويقدر تقرير حركة السلام لآن أن في حال إنجاز هذه البرامج والمخططات سيتضاعف عدد المستوطنين.

4- هدم المنازل
تتبع إسرائيل سياسة هدم المنازل وفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض وعزلها في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 لخدمة مشاريع الاستيطان اليهودي، وكإجراءات عقابية بحق السكان المدنيين . و قامت إسرائيل بهدم قرابة( 19000 ) بيت ومنزل في المناطق المحتلة عام 1967 خلال الفترة من 1967 حتى 2006 . وفي مناطق ( ج) في الضفة الغربية قامت إسرائيل بهدم أكثر من 1600 منزل خلال الفترة من كانون ثاني حتى أيلول 2007 في حين لا يزال هناك أكثر من 3000 منزل مهددا بخطر الهدم. أما في قطاع غزة فقد تم تدمير أكثر من 4000 منزل خلال الاجتياحات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الفترة ما بين 2000 إلي 2004 . ومنذ أواسط عام 2007 وحتى الآن، يعاني حوالي مليون ونصف فلسطيني من سكان قطاع غزة من سياسة عزلهم جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا ومن ظروف الحصار الإسرائيلي المضروب عليهم منذ ذلك الوقت.

وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي سمته عملية "الرصاص المصبوب" دمرت إسرائيل 2400 منزل تدميراً كليا أو جزئيا، بالقصف، والنسف والتجريف مما أدى إلى تشريد أكثر من 100 ألف مواطن فلسطيني، واعترف محققون ميدانيون في إطار التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي عن نتائج حربه على غزة أنه توجد صعوبات جمة لتبرير هدم منازل المدنيين الفلسطينيين خاصة إذا ما تم فتح تحقيق دولي. وصرحت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه أسهل على الجيش الإسرائيلي أن يبرر حالات قتل فيها مدنيون من تفسير هدم المنازل.
لكن آلية تدمير مناتميز فيها بين بشر وحجر. فعلى مستوى البشر لم تميز بين مدنيين ومقاومين، كما لم تميز بينهم وبين الأطفال والنساء والشيوخ ولا المسعفين والإعلاميين، فجميعهم كانوا أهدفاً مستباحة بلا ملاذ، وبين الحجر لم تميز بين منشآت المقاومين والأعيان المدنية فقصفت المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والمنازل جنبا إلى جنب مع المقار الأمنية. وطالت فى اعتداءاتها الإجرامية مقار الأمم المتحدة التى اتخذها المدنيون الأبرياء ملاذا من القصف والهجمات العسكرية.

1- تهجير الفلسطينيين :
منذ قيام إسرائيل بالتهجير الأول والأكبر للفلسطينيين وبتدمير وطنهم فلسطين عام 1948، لا تزال إسرائيل تواصل حرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة بالقوة، وبالتشريعات العنصرية، و بالأحكام القضائية. فعلى سبيل المثال قامت إسرائيل عام 2001 بإصدار قانون حمل اسم : قانون ضمان إسقاط حق العودة لعام 2001 ، وفي عام 2003 قامت المحكمة الإسرائيلية العليا بنقض حكم سابق لها كان يقضي بالسماح للفلسطينيين المهجرين داخليا من سكان قرية اقرث بالعودة إلى قريتهم وبيوتهم التي ’هجروا منها. وقد سببت المحكمة الإسرائيلية حكمها هذا بعدم الرغبة في تسجيل سابقة قانونية – قضائية قد ينتفع بها اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين مستقبلا، بدعوى أن مشكلة اللاجئين لا يتوجب حلها إلا في إطار المفاوضات السياسية.

وكنتيجة لسياسات إسرائيل وإجراءاتها، جرت موجة جديدة من التهجير القسري للفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967 وفي داخل الخط الأخضر. ويقدر أنه قد تم تهجير أكثر من 115000 فلسطيني داخليا في المناطق المحتلة عام 1967 خلال العقود الأربعة الأخيرة. وحاليا، لا يزال هناك266442 فلسطينيا يقطنون في 78 تجمعا فلسطينيا معرضين لخطر التهجير. وفي قطاع غزة، تسببت العمليات العسكرية في الفترة ما بين 2000 – 2004 وحدها بتهجير أكثر من خمسين ألف 50000 فلسطيني، تهجيرا داخليا للمرة الثانية.

2- مصادرة وضم الأراضى الفلسطينية :
وقامت إسرائيل حتى مطلع العام 2008 بمصادرة وضم أكثر من 3350 كم) 2 من أصل 5860 كم 2) من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وذلك لأغراض الاستيطان اليهودي، فضلا عن أنها من الناحية الفعلية تسيطر على كل فلسطين التاريخية. وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي والمبادئ العامة للقانون، تواصل إسرائيل إتباع وتطبيق سياسات عنصرية تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد لمصلحة المستوطنين اليهود حصرا.

3- الاستعمار الاستيطاني
وقد تمددت خارطة الاستعمار الاستيطاني في الضفة الغربية، وتتزايد بكثافة، وتعتبر المناطق الأكثر تأثرا هي شرقي القدس، ووادي الأردن، والأراضي الزراعية في المنطقة (ج) وتحديدا تلك المحاذية للجدار. ومنذ قمة انابوليس تم الإعلان عن عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة المخصصة لليهود. وباشرت العمل فعلياً في المزيد من المخططات السابقة.

وكشف تقرير لحركة السلام الآن في فبراير/شباط 2009 ان النشاط الاستيطانى اليهودى قد زاد في العام 2008 بنسبة 60% عن مثيله في العام 2007 ، كما رصدت نقلا عن الموقع الرسمى للحكومة أن وزارة البناء والإسكان تنوى إقامة 300,73 وحدة سكنية من بينها 15 ألف وحدة سكنية على الأقل ضمن مخططات سارية المفعول ، و 58 ألفا أخرى لم يتم المصادقة عليها نهائيا بعد، وتتناول هذه المعطيات مخططات وزارة الإسكان وحدها والتي تشكل جزءا صغيراً من مجموع المخططات الخاصة بالاستيطان، إذ أن هناك آلاف أخرى من الوحدات السكنية المخططة ضمن برامج السلطات المحلية من قبل جهات فردية وهيئات عامة أخرى. ويقدر تقرير حركة السلام لآن أن في حال إنجاز هذه البرامج والمخططات سيتضاعف عدد المستوطنين.

4- هدم المنازل
تتبع إسرائيل سياسة هدم المنازل وفصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض وعزلها في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 لخدمة مشاريع الاستيطان اليهودي، وكإجراءات عقابية بحق السكان المدنيين . و قامت إسرائيل بهدم قرابة( 19000 ) بيت ومنزل في المناطق المحتلة عام 1967 خلال الفترة من 1967 حتى 2006 . وفي مناطق ( ج) في الضفة الغربية قامت إسرائيل بهدم أكثر من 1600 منزل خلال الفترة من كانون ثاني حتى أيلول 2007 في حين لا يزال هناك أكثر من 3000 منزل مهددا بخطر الهدم. أما في قطاع غزة فقد تم تدمير أكثر من 4000 منزل خلال الاجتياحات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في الفترة ما بين 2000 إلي 2004 . ومنذ أواسط عام 2007 وحتى الآن، يعاني حوالي مليون ونصف فلسطيني من سكان قطاع غزة من سياسة عزلهم جغرافيا واقتصاديا واجتماعيا ومن ظروف الحصار الإسرائيلي المضروب عليهم منذ ذلك الوقت.

وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي سمته عملية "الرصاص المصبوب" دمرت إسرائيل 2400 منزل تدميراً كليا أو جزئيا، بالقصف، والنسف والتجريف مما أدى إلى تشريد أكثر من 100 ألف مواطن فلسطيني، واعترف محققون ميدانيون في إطار التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي عن نتائج حربه على غزة أنه توجد صعوبات جمة لتبرير هدم منازل المدنيين الفلسطينيين خاصة إذا ما تم فتح تحقيق دولي. وصرحت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه أسهل على الجيش الإسرائيلي أن يبرر حالات قتل فيها مدنيون من تفسير هدم المنازل.
لكن آلية تدمير منازلالفلسطينيين لم تتوقف بعد هذه الحرب، إذ سرعان ما شرعت إسرائيل بمواصلة إجراءات هدم منازل الفلسطينيين في القدس، التي سبق أن هدمت 400 منزل للفلسطينيين فيها وأصدرت أوامر هدم لنحو 1000 منزل منذ العام 2004،. إذ سلمت إخطارات بالهدم لأصحاب 88 منزلا من سكان حي البستان في منطقة سلوان الموجودة داخل بلدية القدس المحتلة في سياق يستهدف إخلاء 1500 مواطن من بيوتهم في الحي بعد أن رفضت بلدية القدس المصادقة على الخارطة الهيكلية التي قدمها الأهالي لترخيص بيوتهم المقامة قبل احتلال المدينة في العام 1967. بدعوى أن البناء غير مرخص، وأن البيوت أقيمت في منطقة ذات أهمية تاريخية. فيما يعلم الجميع أن ما يجرى للمواطنين العرب في حي البستان ما هو إلا حلقة جديدة من مسلسل التهويد والترانسفير الصهيوني الذي يستهدف تغيير الطابع الجغرافي والديمغرافي وتهويد المدينة.

ويترافق مع سياسة هدم المنازل وتغيير الطابع الجغرافي والديمغرافى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مع ما تسميه إسرائيل تضليلا " بخطط التطوير" داخل الخط الأخضر وهو في واقع الأمر مخطط تهويد للجليل والنقب. وهناك حوالي 3000 شخص مقيم في مدينة يافا المعروفة بهويتها الفلسطينية تاريخيا داخل الخط الأخضر صدرت بحق منازلهم أوامر هدم . كما يتعرض الفلسطينيون في عكا وقرى وبلدات المثلث في منطقة وادي عاره وفي الطيرة وقلنسوة وكفر قاسم لقوانين تعسفية لهدم بيوتهم في تصعيد جديد للإجراءات العنصرية الصهيونية تجاه الفلسطينيين.

وهناك 100000 فلسطيني من البدو سكان إسرائيل يعيشون فيما يسمى "القرى غير المعترف بها"، والتي تحرمها الحكومة الإسرائيلية من الخدمات الأساسية بما في ذلك الماء، والكهرباء، والعيادات الصحية، والتعليم الحكومي، وحق الحصول على تراخيص البناء. وتهدف لإسرائيل إلى تجميع هؤلاء البدو في سبعة مناطق تسمى: "مناطق التركيز"، وذلك لاستكمال عملية مصادرة ما تبقى لهم من أراض، حيث هناك عشرات الآلاف من منازل وممتلكات البدو مدرجة على قوائم الهدم.

5- جدار العزل العنصري
يعد بناء الجدار العنصري واحد من أسوأ الإجراءات العنصرية وغير الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل، ولا تزال ماضية في استكمالها تجاه الشعب الفلسطيني. وقد بدأت إسرائيل في إقامته عام 2002 بدعاوى أمنية لكن تخلت لا حقا عن هذا الزعم وباتت تقر بأن أحد الأهداف من بنائه هو ضم المستوطنات إلى إسرائيل، ويشهد على صحة ذلك أن 83% من المستوطنين في الضفة الغربية و69 مستوطنة توجد في مناطق محصورة ضمن الجدار ومن المقرر أن يبلغ طوله عند استكماله 721كم وتدعى إسرائيل أن الجزء الأكبر منه يقع على الخط الأخضر أو داخل الأرض الإسرائيلية، بينما تؤكد المصادر الفلسطينية ومصادر الأمم المتحدة أن معظمه يقع في الضفة الغربية ويستقطع مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، ويعزل مساكن مئات الآلاف من الفلسطينيين، ويفصل بينهم وبين المستشفيات والمدارس والخدمات الاجتماعية والأراضي الزراعية. وتتفاوت المصادر البحثية في تقدير المساحة التي يستقطعها الجدار والنظام المرتبط به عند استكماله بين 10% إلى 20% من مساحة الضفة الغربية.

وقد أكد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 9 يوليو/تموز 2004 بأغلبية 14 قاضيا، يمثلون كل النظم القانونية في العالم بعدم شرعية الجدار، مقابل رأى القاضي الأمريكي في المحكمة، في وثيقة قانونية بالغة الأهمية سمت الأشياء بأسمائها، وانتصرت للقانون وللضحايا.

لكن لم تطبق إسرائيل أو تعير أي احترام لقرار محكمة العدل الدولية، وتواصل معارضة صلاحية المحكمة الدولية في النظر في الموضوع. كما لا تعير أي اهتمام لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعتبرته انتهاكا صارخاً للقانون الدولي. فضلاً عما أورده السكرتير العام للأمم المتحدة في تقرير للجمعية العامة (دورة 58) من كون الجدار يسلب الشعب الفلسطيني حقوقه ويعرقل استكمال التسوية. وقدم مندوبيها عند مناقشة تقريرها الاستعراضي الشامل المتعلق بإسرائيل في 4 ديسمبر/كانون أول 2008 مرافعة مضللة عن الجدار، والمعالجة "الإنسانية" للتعقيدات الناجمة عنه.

6- نقاط التفتيش والحواجز والتصاريح
تتبع إسرائيل سياسة تقيد على نحو خطير حرية تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية مخلفةً عواقب وخيمة على الحياة الشخصية والاقتصاد على حد سواء. ويوجد أكثر من 560 عقبة من هذا النوع تحول دون حرية التنقل، وهى تشمل ما يزيد عن 80 نقطة تفتيش مزودة بجنود ونحو 476 بوابة مقفلة بدون جنود وسواتر ترابية وحواجز إسمنتية وخنادق. وإضافة إلى ذلك، تقيم دوريات الجيش الإسرائيلي سنويا على الطرق في إنحاء الضفة الغربية آلاف نقاط التفتيش المؤقتة المعروفة بـ"نقاط التفتيش الطيارة" وذلك لفترات محدودة .

ويخضع الفلسطينيون لقيود عديدة على السفر ولشروط فيما يتصل بتصاريح التنقل داخل الضفة الغربية والسفر إلى القدس الشرقية. وتكفل نقاط التفتيش الامتثال لنظام التصاريح. وتنتهك هذه القيود المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي رأت محكمة العدل الدولية في فتواها المتعلقة ببناء الجدار انه يلزم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويصعب قبول ما تحتج به إسرائيل من أن هذه القيود مبررة باعتبارها تدابير أمنية. فالعديد من نقاط التفتيش والحواجز بعيدة عن حدود إسرائيل، التي يحميها الجدار. ويٌعلل ذلك لضمان راحة المستوطنين وتيسير تنقلهم في أنحاء الضفة الغربية وإخضاع الشعب الفلسطيني لسلطة المحتل وحقيقة وجوده.
وتؤدى نقاط التفتيش إلى إذلال الفلسطينيين، وقد شبهها جون دوجارد المقرر الخاص عن حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في تقريره إلى لجنة حقوق الإنسان في يناير 2008 بـ "قوانين تصاريح المرور التي كانت تطبق في جنوب أفريقيا أيام الفصل العنصري، وتفرض على المواطنين السود الاستظهار بإذن للسفر أو الإقامة أينما كان في جنوب أفريقيا. وولدت هذه القوانين شعوراً عاما بالذل والغضب، وتسببت في عمليات احتجاج منتظمة". ودعا المقرر الخاص إسرائيل أن تجد في تجربة جنوب أفريقيا عبرة لها. ففرض قيود من قبيل ما تفرضه إسرائيل على حرية التنقل لا يحقق الأمن بقدر ما يتسبب في انعدام الأمن".

7- إنكار حق الضحايا في الإنصاف
وتنكر المحاكم الإسرائيلية على الضحايا الفلسطينيين حقهم في الحماية القانونية والتعويض الفعال وتجيز المحكمة الإسرائيلية العليا "الإعدام بلا محاكمة" لمن تسميهم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالمطلوبين، حتى لو كان هناك ضحايا من عابري السبيل، أو "المقتولين عرضا".

ويعد الفلسطينيون في الأرض المحتلة من أكثر شعوب العالم التي تعرض أفرادها للأسر؛ حيث تبلغ نسبة من ’أسر منهم لمرة واحدة فقط حوالي 40 % وتحتجز إسرائيل حاليا في السجون والمعتقلات أكثر من 11 ألف أسير فلسطينى، بينهم نساء، وأطفال ومعتقلين اداريين يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة بدون مسوغ قانوني. هناك حالات كثيرة تم توثيقها من قبل منظمات حقوق الإنسان بشأن قيام مستوطنين وجنود إسرائيليين بقتل وجرح مدنيين فلسطينيين في الأرض المحتلة، ولكن لم يتم مساءلتهم ولا عقابهم.

منذ عام 2001 ، شرعت الكنيست الإسرائيلية بإصدار قوانين أوتعديل قوانين عنصرية جديدة، تهدف إلى تقييد حريات وحقوق الفلسطينيين الأساسية وحقهم في التعويض والتي من بينها : قانون المواطنة وحق الدخول لإسرائيل لعام 2003 )قانون مؤقت ( وتعديلاته لعام 2007 ، حيث يحرم القانون وتعديلاته الغالبية العظمى من الأزواج الفلسطينيين من سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 حق السكن في إسرائيل مع أقرانهم من الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، والقوانين المعدلة للأعوام 2005 و 2006 الواردة على قانون المسؤولية القانونية للدولة عن الأضرار، والتي تحرم الفلسطينيين من سكان الأراضي المحتلة عام 1967 من حق المطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن أعمال الجنود الإسرائيليين.

وتدعي إسرائيل، أن الوضع غير القانوني في الأراضي المحتلة عام 1967 هو نتاج إجراءات مبررة بحكم الضرورة العسكرية وأمن الدولة. كما تبرر اعتداءاتها على الفلسطينيين والعرب، والدول العربية بدعوى الحاجة إلى محاربة "الإرهاب الإسلامي" . وتنكر إسرائيل وحليفاتها من الهيئات الصهيونية الدولية أن العنصرية والتمييز العنصري أحد الأسباب الجذرية للصراع الممتد منذ زمن، بل وتعتبر أن النقاش حول هذا الموضوع مرفوض مبدئيا لأنه، بحسب زعمها، مظهر من مظاهر اللاسامية.

بينما يؤكد ريتشارد فولك المقرر الخاص للأمم المتحدة في أحدث تقرير له مسئولية الاحتلال عن كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، يقول: إن الاحتلال العسكري للأرض الفلسطينية قد تجاوز الآن أربعين سنة وأن له خصائص الاستعمار والفصل العنصري، على النحو الذي لاحظه المقرر الخاص السابق . وفي ضوء هذه الخلفية، بصفة خاصة ، تشكل إطالة أمد الاحتلال ﺗﻬديدا عميقا وتعديا تراكميا على أهم حقوق الإنسان جميعا، وهو حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. ويضفي هذا الاعتبار طابعا ملحا على إجراء تقييم لمطالبات الفلسطينيين بالحق في المقاومة تعزيزا لتقرير المصير، وعلى إصدار توصيات بأن تبدي الأمم المتحدة قدرا أكبر من تحمل المسؤولية في حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، مع المراعاة التامة للقانون الدولي، واتخاذ خطوات فورية، في هذه الأثناء، لضمان امتثال إسرائيل لالتزاماﺗﻬا بموجب القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالاحتلال العسكري . وفي هذا الصدد، ينبغي الإحاطة علما برفض إسرائيل الامتثال لفتوى محكمة العدل الدولية بشأن النتائج، القانونية المترتبة على تشييد جدار في الأرض المحتلة ، الذي أيده ١٤ قاضيا من مجموع ١٥، والذي أيدته غالبية ساحقة من أعضاء الجمعية العامة في قرارها دإط – ١٠/15.

ويضيف فولك أن تجاهل هذه الرسالة الواضحة والجازمة بشأن الالتزامات القانونية الدولية المتعلقة بواجبات الدولة القائمة بالاحتلال، إضافة إلى أدلة أخرى على التجاهل الواردة بالتفصيل في هذا التقرير، ينبغي أن تحفز الأمين العام والجمعية العامة وسائر هيئات الأمم المتحدة على التسليم بالحاجة إلى تنفيذ مبادرات لازمة بصورة عاجلة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، بل وفي الحقيقة بقائه، ولحث إسرائيل على التمسك بالتزاماﺗﻬا بموجب القانوني الدولي . وتتمثل إحدى هذه المبادرات، التي تتوافق مع توصية المقرر الخاص السابق، في أن تقترح اللجنة الثالثة على الجمعية العامة أن تطلب فتوى
جديدة من محكمة العدل الدولية بشأن الآثار المخالفة للقانون المترتبة على استمرار حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير، في ضوء طول فترة الاحتلال وطابعه، ولاسيما التعدي على ممتلكات الفلسطينيين واحتلال الأراضي.
ويضيف المقرر الخاص أيضا أن ثمة صك قانوني له أهمية بارزة في ما يتصل بتقييم حقوق السلطة القائمة بالاحتلال وواجباتها، وهو اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في أوقات الحرب(١٩٤٩)، ولكن هناك صك له أهمية أيضا لأنه انعكاس لتطور القانون الدولي العرفي، وملزم للأطراف في المعاهدة وهو بروتوكول جنيف الإضافي الأول لعام ١٩٩٧ المتصل بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة . وتشكل الأدلة على انتهاكات إسرائيل المستمرة والمتعمدة لهذه المعاهدة الدولية الملزمة عالميا في احتلالها للأرض الفلسطينية وضعا خطيرا مستمرا يتطلب رد فعل موحد من اﻟﻤﺠتمع الدولي. وينبغي الإشارة إلى أن المادة ١ من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على ما يلي : ”الأطراف المتعاقدة السامية تتعهد باحترام وضمان احترام هذه الاتفاقية في ظل جميع الظروف“. وقد حان الوقت لتلبية النداء الوارد في هذا الحكم.

وجادل فولك حكومة إسرائيل في قولها أن قطاع غزة لم يعد، منذ قيامها بتنفيذ خطة فك الارتباط في عام ٢٠٠٥ ، خاضعا للاحتلال، ولذلك السبب فإن القانون الإنساني الدولي لا ينطبق. ويتمثل موقف إسرائيل الرسمي، الذي تكرره في أغلب الأحيان ، في أن ”احتلال قوات الدفاع الإسرائيلية الحربي لقطاع غزة “ انتهى في ١٢ أيلول /سبتمبر ٢٠٠٥ ”بجميع الآثار السياسية والأمنية والقانونية التي انطوى عليه ا “. وتستخلص إسرائيل صراحة استنتاجا رئيسيا مفاده أنه نظرا لأن ”السلطات الحكومية الكاملة “، نقلت إلى السلطة الفلسطينية في هذا التاريخ فإﻧﻬا لم تعد تتحمل المسؤوليات القانونية والمعنوية للسلطة القائمة بالاحتلال.

ويُحاجج المقرر الخاص هذا التقييم للوضع في قطاع غزة، ويقول إن أي إقليم يعتبر إقليما محتلا إذا كان تحت ”سيطرة فعلية “ لدولة خلاف دولة السيادة الإقليمية. وواصلت إسرائيل منذ فك ارتباطها ممارستها للسيطرة الصارمة والمستمرة على الحدود، و على الدخول والخروج، واﻟﻤﺠال الجوي، والمياه الإقليمية لغزة . وإضافة إلى ذلك، قامت إسرائيل بعمليات توغل عسكري عديدة وشنت هجمات مميتة ضد أفراد مستهدفين، وأخضعت السكان المدنيين كلهم في الإقليم لأوضاع حصار منذ أن فازت حماس بلا أي مجال للشك في الانتخابات التشريعية العامة في كانون الثاني /يناير ٢٠٠٦ ، وأحكمت الحصار بعد أن تسلمت حماس مقاليد الأمور في منتصف حزيران /يونيه ٢٠٠٧ . ويتسبب فرض الحصار في ضغوط شديدة على سكان غزة، ونتيجة لمساعي كسب مشاركة دولية في الحصار الأخير أصبح من المستحيل على السلطات الفلسطينية القائمة بالإدارة أن توفر الحد الأدنى من الرعاية لسكان القطاع البالغ عددهم مليون ونصف المليون نسمة . وبناء على هذه الاعتبارات، فإن من الواضح دون أي شك معقول من منظور القانون الدولي في أن قطاع غزة لا يزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، بما يصاحب ذلك من مسؤوليات قانونية ملقاة على عاتق السلطة القائمة بالاحتلال، وأن اتفاقيات جنيف لا تزال سارية بحذافيرها.

8- الأمم المتحدة تدين ممارسات إسرائيل العنصرية
ولا يعبر هذا التحليل للتمييز العنصري المؤسسي والأبارتهايد عن رؤية فلسطينية أو عربية فحسب فجميع اللجان والهيئات الدولية الناشئة بموجب معاهدة دولية، بالإضافة إلى مقرري الأمم المتحدة الخاصين، أبدوا قلقهم وحذروا من استمرار عدم التزام إسرائيل الممنهج بالايفاء بتعهداتها الدولية الناشئة عن اتفاقيات حقوق الإنسان فيما يتعلق بسياساتها وممارساتها حيال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967 والخاضعين فعليا لسيطرتها.

فذهبت بعض الهيئات الدولية، بما فيها اللجنة الدولية الخاصة بحماية حقوق الطفل، واللجنة الدولية الخاصة بمناهضة التعذيب، إلي التعبير عن قلقها والتحذير من تسويغ تعذيب الفلسطينيين ومن نتائج التمييز في التعامل مع الأطفال المترتبة على اعتبار الطفل الإسرائيلي كل شخص ما دون (18) سنة، بينما الطفل الفلسطيني في الأرض المحتلة كل من هو دون (16) سنة.

وذهبت هيئات دولية أخرى، بما فيها اللجنة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة الدولية الخاصة بإلغاء كافة أشكال التمييز العنصري ، ومقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن الحق في السكن، ومقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن الحق في الغذاء، إلي التعبير عن قلقها من القوانين والسياسات والممارسات الإسرائيلية حيال الفلسطينيين من مواطني إسرائيل ومن سكان الأرض المحتلة. واعتبرت أن المساس بحقوق الفلسطينيين الأساسية خصوصا الحق في السكن، والحق في ملكية الأرض، وحق الانتفاع بالمياه يعادل التمييز العنصري الممنهج والممأسس.

وفي تقريرها لعام 2007 الخاص بمراجعة ممارسات إسرائيل، كررت اللجنة الدولية الخاصة توثيق انتهاك إسرائيل للمادة الثالثة من الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، والتي بموجبها يتوجب على الدول أن تدين سياسات الفصل العنصري والأبارتهايد وتتعهد بمحاربة وحظر وإلغاء أية ممارسات مشابهة.

ومنذ العام 2005 تنبه تقارير المقرر الخاص للأمم المتحدة بشان حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ليس احتلالا عاديا )بحسب ما هو معرف قانونا(؛ حيث أن الأخير يمثل شكل مؤقتا من السيطرة، ولا يمس بالنظام العام وبالقوانين السارية في المنطقة المحتلة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي نظام استعماري إحلالي يتخفى وراء اسم الاحتلال )التقليدي المؤقت(، ويمارس فعليا أسوأ ما في نظام الأبارتهايد من ممارسات وسياسات؛ مثل تفتيت المنطقة المحتلة إلى شراذم غير متصلة، والاعتقالات الواسعة النطاق، ويتبع نظام الفصل على الطرقات والتصاريح الخاصة باستخدامها بهدف تقييد الحركة عليها على أساس الأصل القومي، أو الاثني أو الدين .
ولاحظت اللجنة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تقريرها لعام 1998 بقلق شديد "أن التشريع الإسرائيلي لعام 1952 يمنح المنظمة الصهيونية العالمية، والوكالة اليهودية، والهيئات التابعة لها بما في ذلك الصندوق القومي اليهودي، سلطة السيطرة على معظم الأراضي في إسرائيل، وذلك من خلال النص على أن هذه الهيئات قائمة لخدمة اليهود دون غيرهم" . وترى اللجنة أن نسبة ما تصادره إسرائيل من ممتلكات تعود للفلسطينيين ومن ثم يتم تحويلها إلى ملكية حصرية لتلك المنظمات والوكالات هي نسبة كبيرة، وحيث تتم المصادرة بشكل مقصود ومنظم؛ وأن ذلك يشكل نمطا من التمييز العنصري الممأسس؛ خصوصا وان تلك المنظمات والهيئات بموجب تعريفها تنكر على غير اليهود حقوق التصرف والانتفاع والاستعمال (الفقرة 11) كما لاحظت اللجنة بقلق "أن قانون العودة الإسرائيلي، والذي يسمح لأى يهودي من أي مكان في العالم بالهجرة إلى إسرائيل، وتبعا لذلك يمنحه فعليا وتلقائيا حقوق الإقامة والمواطنة في إسرائيل، يميز ضد الفلسطينيين الموجودين في الشتات والذين فرضت الحكومة الإسرائيلية على عودتهم إلى ديارهم التي ولدوا بها شروطا وقيودا يكاد الوفاء بها يكون مستحيلا" (الفقرة 13) وقد لحظت اللجنة بأسف، في تقريرها الدوري لعام 2003 ، أن القضايا التي أثارتها في تقارير سابقة حول ممارسات إسرائيل، ما زالت قائمة ومحل قلق. وأضافت اللجنة أيضا " أنها قلقة بشدة تحديدا من الوضع القانوني المسمى بالجنسية اليهودية الوارد في قانون العودة، والذي بموجبه يتم منح اليهود حصريا معاملة تفضيلية من خلال منحهم حقوق المواطنة تلقائيا ومساعدة مالية حكومية لمجرد أنهم يهود، الأمر الذي ينشأ عنه ممارسة عنصرية ضد غير اليهود وتحديدا ضد اللاجئين الفلسطينيين" (الفقرة 18) .

في العام 2007 صنفت اللجنة الدولية للقضاء علي كافة أشكال التمييز العنصري سياسة إسرائيل بشأن الإبقاء على الفصل بين العرب واليهود في قطاعات التعليم، والصحة، والسكن، وعدم المساواة بين العرب من مواطنيها مع اليهود في مجالات الانتفاع بالخدمات العامة، واستخدام أراضي الدولة بأنه يشكل فصلاً عنصرياً (الفقرة 22). وفيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، فقد عبرت اللجنة عن قلقها من إخضاع الفلسطينيين لقوانين وسياسات إسرائيلية تختلف عن تلك المطبقة على اليهود (الفقرة 35). كما عبرت عن قلقها من الممارسات الإسرائيلية التي منها سياسة الفصل العنصري المتمثلة في بناء الجدار والنظام المرتبط به، وتوسيع المستوطنات اليهودية، والقيود المجحفة المفروضة على حرية الفلسطينيين في الحركة وعدم المساواة في تقديم الخدمات، وفي توزيع المصادر الطبيعية وحقوق الانتفاع بها، وتدمير المنازل، واعتبرتها سياسات وممارسات تؤدي إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد" (الفقرات 14 ، 32، 37)



مكافحة العنصرية والتمييز العنصري فى السياق العربى


ورقة خلفية مقدمة إلى
الاجتماع التحضيري العربي لمراجعة ديربان
(القاهرة 28 – 29 مارس/آذار 2009)

مقدمة:
تعتمد هذه الدراسة في تحليلها للقضايا العربية ذات الصلة بأعمال المؤتمر على ثلاثة مؤشرات رئيسية: أولها موقف البلدان العربية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وخلاصة مناقشاتها مع اللجنة الدولية للقضاء على التمييز العنصري منذ مؤتمر ديربان 2001، وثانيها رد الحكومات العربية على الاستبيان الذي أعدته اللجنة التحضيرية للمؤتمر حول مدى تقدمها في تنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان، وثالثها قراءة في التحليل العريض لمنظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والعربية للقضايا الإشكالية في الواقع العربي.

وقد وجد معدو الدراسة بعض الصعوبات في استخدام هذه المؤشرات، كان أولها الاختيار بين استعراض نتائج مناقشة تقارير كل البلدان العربية مع لجنة القضاء على التمييز العنصري أم الاقتصار على تلك التي أعقبت مؤتمر ديربان 2001 والتي تبلغ نحو ثلث البلدان العربية فقط، وقد وقع الاختيار على البديل الأخير رغم أنه يعبر عن عينات وليس شاملا، لأنه يأتي بعد المؤتمر وما نبه إليه، ولأنه يعكس حقبة زمنية ذات خصائص متشابهة على المستوى الدولي والإقليمي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فضلا عن سبب ثالث مهم وهو تغير البنية الدولية والإقليمية والمحلية التي تمت خلالها مناقشة تقارير البلدان العربية في التسعينيات على نحو يقتضى استعراض كثير من التفاصيل التي تربك التحليل.

وبينما كان يمكن للمؤشر الثاني أن يسد الثغرة بين التحليل القائم على العينة، والتحليل الشامل، فلم يتحقق هذا البعد، حيث أحجمت بعض البلدان العربية عن الرد على الاستبيان، كما جاءت معظم التقارير التي قدمتها- شأن معظم بلدان العالم- أقرب إلى "تقارير نجاح" إذ ركزت على أوجه التقدم وتجاوزت الصعوبات، فجاءت مسطحة لا تعبر عن تضاريس الواقع، ولا تفي بغرض حوار جدي لنمط من المشكلات على هذا النحو من الخطورة.

ويأمل معدو الدراسة أن يعوض المؤشر الثالث للتحليل أوجه القصور تلك إذ يعتمد على مناقشة التحليل العريض لدوائر حقوق الإنسان حول إشكاليات المنطقة، لكن فى عالم جادل طويلاً فيما إذا كان الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق فى العام 2003 احتلالا أم تحريرا، وما إذا كانت أزمة المنطقة هى فى الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني أم فى مقاومته، وما إذا كان تكريس الأمر الواقع استقراراً أم جموداً، يصبح من المرجح أن تظل التحليلات الواردة فى هذه الدراسة مثيرة للجدل.

أولاً: موقف البلدان العربية من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
1- بتوقيع جيبوتي على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 14 يونيو/حزيران 2006، تكون البلدان العربية قد انضمت جميعها إلى هذه الاتفاقية المهمة.
2-أوردت 9 بلدان عربية إعلانات وتحفظات على بعض أحكام الاتفاقية، تناولت ما يلي:
أ‌- تحفظ ثمان بلدان على المادة 22 الخاصة بإحالة النزاعات إلى محكمة العدل الدولية (البحرين، العراق، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، سوريا، اليمن)
ب‌- أكدت سبع بلدان أن انضمامها للاتفاقية لا يمثل اعترافا بإسرائيل أو إقامة علاقات معها. (البحرين، العراق، الكويت، ليبيا، سوريا، الإمارات، اليمن)
جـ- انفرد اليمن بالتنبيه إلى أن المادة 18/ف 1 من الاتفاقية ذات طبيعة تمييزية، ودعا إلى أن يكون الانضمام للاتفاقية مفتوحاً بدون تمييز لكل الدول وبدون أية قيود من أى نوع.
د- انفردت كل من الجزائر( سبتمبر 1989) والمغرب(أكتوبر 2006) بإعلان موافقتها على المادة 14 التي تسمح للجنة مناهضة العنصرية والتمييز العنصري بالنظر في شكاوى الأفراد والمجموعات الذين يَدعون أن حقوقهم التي تحميها الاتفاقية موضع انتهاك.
3- وافقت أربع دول عربية (من بين 39 دولة) على التعديلات المدخلة على الاتفاقية المعتمدة في يناير 1992 وهى : البحرين-سوريا-العراق-السعودية.
4- قدمت (7) بلدان عربية تقاريرها الدورية إلى اللجنة الدولية للقضاء على التمييز العنصري منذ انعقاد مؤتمر ديربان عام 2001 (لبنان-ليبيا-موريتانيا-عمان-اليمن-البحرين-الإمارات) وقد نوقش ست منها حتى إعداد هذا التقرير، فضلا عن إسرائيل بحكم مسئوليتها كقوة احتلال للأراضي الفلسطينية.

وقد أثارت الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التمييز، عقب مناقشة تقارير هذه الدول، الجوانب الايجابية والسلبية والتوصيات التالية:

تمثلت أبرز الجوانب الإيجابية التي أشارت إليها اللجنة:
في مناقشتها لتقرير لبنان، رحبت اللجنة بالإيضاح الذي أورده التقرير بأن المعاهدات التي يصادق عليها لبنان أو ينضم إليها تصبح جزءًا من القانون الداخلي حال تبادل صكوك التصديق أو الانضمام، وجهود لبنان الرامية لتعديل قانون العقوبات وضمان الامتثال الكامل للمادة الرابعة من الاتفاقية، وترحيبها بالتدابير المتخذة فيما يخص العمال الأجانب وبخاصة تنظيم عمل الوكالات التي تستقدم عمال الخدمة المنزلية، وبما اتخذته المحاكم من قرارات بعدم مشروعية مصادرة أرباب العمل لجوازات السفر، وأخيراً بترحيبها بإدراج مسألة التثقيف بحقوق الإنسان والتشجيع على التسامح في المناهج الدراسية.

واقتصرت الجوانب الإيجابية التي أبرزتها اللجنة في تقرير ليبيا على جانبين هما: الخطوات التي اتخذتها ليبيا تجاه التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتلك التي اتخذتها للتصديق على التعديلات التي أدخلت على الاتفاقية.

ورحبت اللجنة بإعلان موريتانيا خطة عمل وطنية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وإيداع صكوك التصديق على العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب، ووضع موريتانيا إطاراً استراتيجياً لمكافحة الفقر عام 2001، وإصدار قانون للقضاء على الاتجار بالأشخاص في 17 يوليو/تموز 2003 والمادة (5) من قانون العمل بشأن حظر السخرة والعمل الجبري في يونيو/حزيران 2004، وبدء عملية تشاوريه لإنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان.

ورحبت اللجنة بانضمام سلطنة عمان لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والخطوات المتخذة لضمان ممارسة النساء العمانيات لحقوقهن على أساس من المساواة مع الرجال، وتأكيد قانون العمل العماني على المساواة بين جميع العمال دون أي تمييز يقوم على الجنسية أو نوع الجنس أو غيره من أشكال التمييز، وتضمين المناهج المدرسية مقررات تعليمية ترمى لمكافحة التمييز العنصري وتعزيز حقوق الإنسان، وبحث الانضمام للاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين للعام 1951، وإلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وبالنسبة لليمن، أعربت اللجنة عن تقديرها لإنشاء وزارة لحقوق الإنسان في العام 2003، واعتماد سياسة متواصلة للتثقيف والتوعية لأعضاء السلك القضائي والنيابة العامة والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وجهودها لإنشاء مؤسسة وطنية، واعتمادها إستراتيجية وطنية للحد من الفقر (2003-2005) تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للجماعات المهنية والفئات المستضعفة.

وبالنسبة للبحرين، رحبت اللجنة بإجراءات الإصلاح السياسي والاقتصادي التي اتخذتها البلاد، و بخاصة الميثاق الوطني للعام 2001، والتعديلات الدستورية، وإنشاء محكمة دستورية فى 2002، وإنشاء برلمان من غرفتين إحداهما بالانتخاب، وإنشاء نقابات عمالية لأول مرة، وجمعيات ثقافية للاجئين في العام 2002، وتنظيم برامج متعددة لتدريب القضاة وموظفي إنفاذ القانون بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مجال التمييز العنصري، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 2002.

دواعي القلق والتوصيات:
وقد تنوعت بواعث القلق والتوصيات التي خلصت إليها اللجنة في مناقشتها مع الدول العربية الأطراف في الاتفاقية ويمكن إبراز أهم ما تضمنته فيما يلي:
تمثلت أبرز دواعي القلق والتوصيات الخاصة بلبنان في عدم إحراز تقدم في معالجة نظام الطائفية، والقلق من حالة العمال المهاجرين على أرض الواقع وخاصة عمال الخدمة المنزلية، والقلق فيما يتعلق بتمتع السكان الفلسطينيين الموجودين في البلد بجميع الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية على أساس عدم التمييز، وحصر الحصول على الجنسية عن طريق الوالد، وعدم وجود أية تطورات نحو إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان.

وقد أوردت اللجنة خمس توصيات تتعلق بهذه الموضوعات ذاتها، كما أضافت توصيات أخرى تتعلق بدعوة الحكومة اللبنانية للتشاور مع منظمات المجتمع المدني فى مجال مكافحة التمييز العنصري، والنظر في إصدار إعلان بالتزامها بالمادة (14) من الاتفاقية، وتصديقها على التعديل الذي أدخل على الاتفاقية، وأن تدرج في تقريرها التالي معلومات عن التدابير التي تتخذها لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان.

وتناولت دواعى القلق والتوصيات الخاصة بليبيا، اختلاف تقييم ليبيا الذي يصف المجتمع الليبي بالتجانس العرقي، بينما تشير المعلومات إلى أن سكان من الأمزيج والطوارق والأفارقة السود يعيشون في البلد، وعدم تقديم ليبيا معلومات تفصيلية عن غير المواطنين المقيمين في البلد، وتأكيد ليبيا بصورة قاطعة بأنه لا وجود للتمييز العنصري فيها، على الرغم من إمكان وقوع حوادث تمييز عنصري، وعدم وجود تشريع شامل لمنع وحظر التمييز العنصري، ووقوع أعمال عنف نابعة عن مشاعر مناهضة للسود لدى السكان في سبتمبر 2000 ضد عمال مهاجرين أفارقة أدت إلى وفاة كثير من الأشخاص. وعدم تقديم ليبيا رداً محدثاً عن الإجراءات المتخذة لمعاقبة المسئولين عن هذه الأعمال ومنع تكرارها في المستقبل، وطرد الآف من العمال المهاجرين الأفارقة منذ العام 2000، وقلقها من وقوع حالات وفاة للمهاجرين الأفارقة أثناء الانتقال للاستقرار في الجماهيرية أو عبورها في اتجاههم إلى أوروبا، وقلقها من التأثير السلبي للمشاعر المناهضة للسود على أوضاع عملهم وشروط استخدامهم، والحيلولة دون حفظ الأمازيغ لهويتهم الثقافية واللغوية والتعبير عنها. وعدم تقديم معلومات عن وعى السكان بحقوقهم الواردة بالاتفاقية، وعدم كفاية برامج تعليم حقوق الإنسان في المناهج المدرسية. وقد تضمنت توصيات اللجنة، توصيات بشأن هذه الموضوعات جميعها كما أضافت توصيات أخرى تتعلق بدعوة ليبيا لالتزامها بالمادة (14) من الاتفاقية والاستفادة من المساعدات التقنية المتاحة، وخطط عملها لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان.

وبالنسبة لموريتانيا أشارت اللجنة إلى أن التقرير لا يعكس التركيبة الكاملة للمجتمع الموريتاني، ونقص المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وأن قانون العمل وحده يتضمن تعريفا للتمييز العنصري يشبه التعريف الوارد في الاتفاقية بينما كان ينبغي أن ينطبق على كل مجالات الحياة الاجتماعية، وقلق اللجنة من أن بعض المنظمات غير الحكومية لم تنل اعترافاً رسميا رغم طلبها ذلك، وقلقها من أن تشريع الدولة بشأن حرية الصحافة والأحزاب السياسية لا يفي بمقتضيات المادة (4) من الاتفاقية لأن أحكام القانون الجنائي لا تتصدى صراحة للتمييز العرقي أو الإثنى. وعدم تقديم معلومات عن تنفيذ الأمر رقم 091-024 الصادر في يوليو 1991. الذي يحظر على الأحزاب السياسية تحديد نفسها بعرق أو مجموعة إثنية أو منطقة أو قبيلة وإساءة تطبيقه أحياناً على بعض الأحزاب، وقلقها إزاء ما يدعى من التدنى الشديد لنسبة العرب السود (الحراطين) والأفارقة السود في الجيش والشرطة والإدارة والحكومة وغيرها من مؤسسات الدولة، واستمرار بقايا نظام الطبقات حيا في موريتانيا، وكذا استمرار الممارسات الشبيهة بالرق، وعدم وجود نص صريح في القانون الجنائي يعاقب على الرق، وعدم كفاية التدابير العملية المصممة خصيصاً لمكافحة الممارسات الشبيهة بالرق، وبقاء عدة الآلف من اللاجئين الموريتانيين السود في مالي والسنغال، وعدم استرداد أعداداً كبيرة ممن عادوا ممتلكاتهم، والقلق من قواعد اكتساب الجنسية للأطفال، وانتشار عادة ختان الإناث بين بعض الجماعات الإثنية، وعدم اتخاذ تدابير لإدراج اللغات الخاصة بالجماعات الإثنية في المناهج الدراسية. وعدم كفاية فرص الانتصاف المتاحة لضحايا التميز العنصري.

وأوردت اللجنة توصيات تتعلق بكل هذه القضايا، كما أضافت توصيات أخرى تتعلق بدعوة موريتانيا بان تضع في اعتبارها التدابير المتخذة لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان. وأن تصادق على التعديل الذي أدخل على الاتفاقية، ودعوتها لإعلان التزامها بالمادة (14) من الاتفاقية.

وتضمنت الملاحظات الخاصة بالبحرين قلق اللجنة من تعبير وفد البحرين عن عدم وجود تمييز عنصري في البحرين بينما لا تخلو دولة من ذلك، وعدم تقديم الدولة معلومات وافية عن التكوين السكاني للبلاد، وعدم كفاية استجابة القانون الأساسي والمراسيم الملكية، والمواثيق الصادرة عن الدولة لمتطلبات الاتفاقية، وعدم وجود مؤسسة وطنية في البحرين، وقلقها بصفة خاصة من منع مركز البحرين لحقوق الإنسان، وقلقها من أوضاع العمال المهاجرين وادعاءات الإجحاف المتواصل بعاملات الخدمة المنزلية وعدم استفادتهم من حماية قانون العمل. وقلقها للمعاملة التمييزية التي يتعرض لها أعضاء بعض الجماعات وبخاصة الشيعة، وعدم قدرة المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي على إتاحة جنسيتها لأبنائها. وقد أوردت اللجنة توصيات تتعلق بكل الملاحظات التي أثارتها كما أوصت الدولة بالتصديق على العهدين الدوليين، واتفاقية حماية جميع العمال المهاجرين، ومراعاة إعلان وبرامج عمل ديربان. والتشاور مع المنظمات غير الحكومية عند إعداد التقارير، وإعلان التزامها بالمادة (14) من الاتفاقية.

وتناولت دواعي القلق والتوصيات الخاصة بعمان إشارة إلى التباين بين تأكيد الدولة بأن المجتمع العماني متجانس من الناحية العرقية والمعلومات التي تفيد أن السكان يضمون جماعات عرقية مختلفة، وأن القانون الأساس للدولة المتعلق بالمساواة وعدم التمييز لا يدرج "العرق" أو النسب" أو الأصل القومي أو العرقي ضمن أسس التمييز المحظورة. وأن التقرير لا يتضمن معلومات كافية عن التدابير التشريعية والقضائية والإدارية لتنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاقية. وأن نطاق المادة 130 مكرر من القانون الجنائي العماني، التي تجرم أى دعوة إلى التمييز العنصري لا تكفل فرض عقوبة رادعة في حالة الإتيان بأفعال تنطوي على تمييز، وقلق اللجنة من تأكيد الدولة أنها لا تحتاج لاتخاذ تدابير بحظر تكوين منظمات تروج للتمييز العنصري استناداً إلى أنه لا وجود لمثل هذه المنظمات على أرضها، وقلقها من أن القانون الأساسي للدولة ينص على أن " المواطنين" فقط متساوون أمام القانون ويحق لهم ممارسة حقوقهم دون تمييز. ولاحظت أن التقرير لم يقدم معلومات كافية عن التدابير المعتمدة لضمان تمتع شتى الجماعات الإثنية والعمال المهاجرين تمتعا فعلياً وعلى قدم المساواة بالحقوق التي تكفلها لهم الاتفاقية. وقلقها من أن قانون الجنسية العماني لا يمنح المواطنة لأطفال النساء المتزوجات من غير المواطنين.

وقد أصدرت اللجنة توصيات تتعلق بالموضوعات التي أثارتها، كما أضافت توصيات أخرى تتعلق بدعوة الدولة للتصديق على التعديلات التي أدخلت على الاتفاقية عام 1992، وإعلان التزامها بالمادة (14) من الاتفاقية، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وأن تدرج في تقاريرها التدابير المتخذة لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان.

وتناولت دواعي القلق والتوصيات الخاصة باليمن إشارة إلى التباين بين ما وضحه التقرير من أن المجتمع اليمنى متجانس إثنيا، ومعلومات اللجنة عن وجود جماعات تتعرض للتمييز على أساس النسب أو الثقافة ومنها جماعة الأخدام، وعدم وجود تعريف للتمييز العنصري في التشريع الوطني، وعدم وضوح مركز الاتفاقية في القانون الوطني، وعدم وجود تشريع شامل لمنع وحظر التمييز العنصري، وعدم وجود نص جزائى صريح يجرم ويعاقب جميع أشكال التمييز والأنشطة المحظورة بموجب الاتفاقية، وعدم سحب اليمن تحفظه على المادة (5) ج، د، و(4)، (6)، (7) من الاتفاقية. وعدم وجود تشريع وطني يعَرف على وجه التحديد حقوق اللاجئين، والصعوبات التي تواجهها جماعة الأخدام.

وقد أوردت اللجنة عدة توصيات بشأن الملاحظات التي أثارتها، كما أوردت توصيات تدعو الدولة للإعلان عن التزامها الاختياري بالمادة (14) من الاتفاقية، ومراعاة الجوانب ذات الصلة بإعلان وبرنامج عمل ديربان، والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والتشاور مع المنظمات غير الحكومية عند إعداد التقارير الدورية.

وقد نظرت اللجنة خلال الفترة من 22-23 فبراير/شباط 2007 التقارير الدورية لإسرائيل من العاشر إلى الثالث عشر والتي قدمت في تقرير واحد، ونعالج نتائج مناقشتها هنا كسلطة احتلال لفلسطين.
وقد أعربت اللجنة عن بواعث قلقها التالي:
· إنكار حق العودة للفلسطينيين واستعادة أراضيهم.
· قانون المواطنة الإسرائيلي (الأمر المؤقت) والصادر في 31 مايو/أيار 2003 الذي يعلق منح الجنسية الإسرائيلية وتصاريح الإقامة في إسرائيل بما فيها لم الشمل والإقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لما له من تأثير غير متكافئ على المواطنين العرب الراغبين في الاجتماع بأسرهم في إسرائيل، وتجديد هذه الإجراءات المؤقتة بشكل منهجي وتوسيعها لتصنف بعض المواطنين "بأعداء الدولة"، وهو ما يتناقض ومبادئ الاتفاقية.
· إن الخدمة العسكرية تتيح فرص الحصول على الخدمات العامة في مجالات مثل السكن والتعليم وهذه السياسة لا تتفق وأحكام الاتفاقية في ضوء أن أغلب المواطنين العرب لا يؤدون الخدمة العسكرية.
· الفصل الواضح بين العرب واليهود خاصة في مجالات الإسكان والتعليم وهو ما يترتب عليه عدم المساواة في المعاملة والتمويل. المادة (3,5,7).
· المستوى المتدني لتعليم المواطنين العرب والذي يمثل عائقاً أمام فرصهم في الالتحاق بالوظائف كما يؤثر على متوسط الدخل الذي يكون عادة أقل من المواطن الإسرائيلي. والتعارض القائم بين معدلات وفيات الأطفال من اليهود وغير اليهود وحقيقة أن الأقليات من النساء والأطفال الإناث الأكثر تضرراً (المواد 5,2/د).
· الاختبارات النفسية التي تهدف إلي قياس الذكاء والإمكانيات والمهارات الشخصية والتي تمثل تمييزاً غير مباشر حيال العرب يحد من التحاقهم بالتعليم العالي (المواد 5,2/د).
· إنشاء مراكز يهودية ثقافية بموجب قوانين، وعدم إنشاء أي مراكز ثقافية للمواطنين العرب فضلاً عن عدم تمتع الأماكن الدينية المقدسة العربية بنفس الحماية التي تتمتع بها نظيرتها اليهودية لهذا الشأن.
· عدم تقديم معلومات مفصلة حول عدد من الشكاوى والتحقيقات والاتهامات والدعاوى تتصل بأعمال مجرمة بموجب المواد A-E 133 و 144 من قانون العقوبات، وتبني النائب العام سياسة تمييزية فيما يخص الاتهامات الموجه للمسئولين الحكوميين وغيرهم من الشخصيات العامة التي تتبنى خطاب يتسم بالكراهية حيال الأقلية العربية بزعم كفالة حريات الرأي.
· الإدعاء بعدم انطباق أحكام الاتفاقية على الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان، بخلاف ما أكدته محكمة العدل الدولية. وتكرر اللجنة تأكيدها أن المستوطنات الإسرائيلية غبر شرعية بموجب القانون الدولي.
· تجاهل الدولة ورفضها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الآثار القانونية المترتبة على بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
· القيود القاسية والصارمة المفروضة على التنقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال بناء الجدار ونقاط التفتيش والطرق المحظورة ونظام إصدار التصاريح والذي يؤدي إلي خلق صعوبات جمة فضلاً عن تأثيره التمييزي على ممارسة الفلسطينيين لكافة حقوقهم وبوجه خاص حقهم في حرية الانتقال والحياة الأسرية والعمل والتعليم والصحة.
· التوزيع غير العادل لمصادر المياه وهدم منازل الفلسطينيين والاعتقال لآجال طويلة والعقوبات القاسية بحق الفلسطينيين بنفس الجرائم التي يرتكبها الإسرائيليين.
· الحفريات التي تقوم بها إسرائيل أسفل المسجد الأقصى والتلف الذي يتعذر إصلاحه والذي قد يلحق بالمسجد.
· عنف المستوطنين المتواصل تجاه العرب وخاصة في الجليل.

وقد طالبت اللجنة إسرائيل بإلغاء كافة أشكال التمييز العنصري وتسهيل عودة اللاجئين لديارهم وممتلكاتهم وتشريع الحق في المساواة بين المواطنين كقاعدة أساسية وعامة تحكم مشروعية القوانين الداخلية الإسرائيلية.

كما طالبت اللجنة إسرائيل أن تلزم هيئاتها العالمية المساندة لها مثل الصهيونية العالمية والصندوق القومي اليهودي ودائرة أراضي إسرائيل بإدارة واحترام الحقوق المتصلة بالأرض وبالسكن وبالخدمات دون تمييز (الفقرات 16-21)، كما أوصت اللجنة بأن تعريف إسرائيل لنفسها كدولة يهودية القومية، لا يجب أن يسوغ أو يؤدي إلي شكل من أشكال التمييز العنصري المنهج بسبب العرق أو الدين أو السلالة أو النسب أو القومية أو الأصل الإثني.

ثانيا: تقييم البلدان العربية لجهودها في تنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان (الرد على الاستبيان الموجه من اللجنة التحضيرية للمؤتمر)
أعدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان استبياناً تم توجيهه إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويهدف إلي قياس التقدم المحرز في الجهود الدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب، وتقييم التزام الدول بتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان، وقد تضمن الاستبيان الأسئلة التالية:
1- هل وضعت الدولة خطة عمل لمكافحة العنصرية أو التمييز العنصري أو كراهية الأجانب أو لتعزيز عدم التمييز والمساواة؟ 2- وهل وضعت الدولة سياسات محددة لمكافحة هذه الظواهر؟ 3- هل وضعت أشكالاً محددة للتعاون مع الهيئات أو المراكز الإقليمية التي تعمل في هذا الشأن؟ 4- وهل اتخذت تدابير لمكافحة نشر العنصرية على شبكة الإنترنت ولتشجيع الاستخدام الإيجابي للإنترنت من أحل تعزيز التجانس الاجتماعي؟ 5- هل اتخذت أي إجراء آخر لمكافحة العنصرية أو التمييز العنصري؟ كما دعا الاستبيان الدول إلى تحديد الممارسات الجيدة التي تحققت في مجال مكافحة العنصرية.

وعلى المستوى العربي قامت ثمان دول بالرد على الاستبيان وهى الجزائر ومصر وقطر ولبنان وليبيا وسوريا والكويت والمغرب، وأبرزت الردود أن دساتير هذه الدول تكفل المساواة أمام القانون وتخلو من أية نصوص تحث على التمييز العنصري وكراهية الأجانب وتحظر جميع إشكال الرق والسخرة والاستغلال الجنسي، فضلاً عن مصادقة الدول الثمان على الاتفاقية الدولية لمنع التمييز العنصري.

وأفادت حكومة الجزائر أن مكافحة الاتجار في البشر تعد أحد الإجراءات التي اتخذتها للقضاء على التمييز العنصري، كما أنها تقبل اللاجئين من مختلف أنحاء العالم وتتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في هذا الشأن، وتتبني برامج التنمية التي تهدف إلى مكافحة الفقر المدقع ومساعدة الفقراء. وأنشأت اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وتطوير حقوق الإنسان بموجب مرسوم صادر في 2001 وتم تعديله في العام 2002.

وأكدت الحكومة المصرية التزام مصر بالتطبيق الكامل لإعلان وبرنامج عمل ديربان وقد اتخذت مصر عدد من الإجراءات للقضاء على التمييز العنصري من بينها نشر ثقافة التسامح في المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، وتطوير حقوق الإنسان من خلال منظمات المجتمع المدني، وتدريب العاملين في قطاع العدالة الجنائية، فضلاً عن الدور الذي يلعبه الإعلام في هذا الشأن، وإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يسهم في الإصلاح القانوني والدستوري.
وأوضحت الحكومة المصرية ضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان الدولي بمتابعة جميع الآليات والفرق العاملة، وتعزيز الجهود الوطنية والدولية لمكافحة العنصرية، وأن يلعب دورا حاسما في تطبيق إعلان وبرنامج عمل ديربان، ومواجهة الثغرات القانونية والإجرائية التي تحول دون توفير الحماية الكاملة للجماعات المستضعفة. وأكدت مصر وجود قضايا أخرى يجب طرحها ومن ضمنها ازدراء الأديان والاحتلالات الأجنبية.

وأفادت حكومة لبنان أن وزارة العمل في لبنان تولي الاهتمام الواجب للجهود العالمية الرامية إلى القضاء التام على العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب في إطار عدم التمييز أو المفاضلة بين المواطنين والأجانب المقيمين إقامة شرعية في لبنان. وأن المساواة أمام القانون في مجال العمالة منصوص عليها في مدونة العمل بصيغتها المعدلة بموجب القانون رقم 207 المؤرخ في 26 مايو 2006 الذي ينص على أنه لا يجوز لأي صاحب عمل أن يميز بين الجنسين بالنسبة لنوع العمل أو الأجر أو المركز الوظيفي أو الترقية أو التدريب المهني.

وأوضحت قطر أنها اتخذت إجراءات تضمن التعددية في إطار النظام القانوني والسياسي، كما أن المعاهدات الدولية لها نفس قوة القانون الوطني، كما أوضحت أنه يجري العمل الآن على إعداد خطة وطنية لتعزيز حقوق الإنسان، تتضمن خطة فرعية وقائية لمكافحة التمييز العنصري كما تهدف إلى تعزيز التعددية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمشاركة وتهيئة البيئة المناسبة للجميع للمشاركة في صنع القرار، كما يجري إعداد قوانين لحماية عمال الخدمة المنزلية.

وأفادت الحكومية السورية أن سوريا لا تعاني من مشكلة التمييز العنصري، وأنها اتخذت إجراءات لمنع التمييز، من بينها وضع خطة خمسيه لمواجهة قضايا مثل احترام التعددية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وتبنى سوريا شراكة مع منظمات المجتمع المدني لتنفيذ برامج حقوق الإنسان وترصد الحكومة ظاهرة التمييز العنصري لتكون مستعدة للمواجهة في حال وجود أية قضايا يجب مناقشتها أو تطوير استراتيجيات بشأنها، كما تم إنشاء لجنة متخصصة تعكف حاليا على إعداد مسودتين لقانوني الهجرة واللجوء.

وأفادت الحكومة الليبية أنه على الرغم من خلو ليبيا من الممارسات العنصرية إلا أنها تكافح الأنظمة العنصرية وممارساتها ضد الشعوب الأفريقية، وتفرق ليبيا بين العنصرية وحرية التعبير، وهي تواجه حالياً شكل جديد من أشكال العنصرية يمارس ضد عمال الخدمة المنزلية.

وأفادت المملكة المغربية أن المشرع المغربي أدمج أحكام الاتفاقية في القانون الجنائي، وأن المغرب تحيل تقاريرها إلي لجنة مكافحة العنصرية بانتظام، وأصبح تعليم حقوق الإنسان جزءاً من المناهج الدراسية.

تبنت المغرب وطبقت خطة وطنية للمساواة بين الرجال والنساء، وأخرى لتعليم حقوق الإنسان ونشر ثقافة تكافح التمييز العنصري، كما وضعت عدد من البرامج لتعزيز الحماية للبربر والثقافة الامازيغية، واتخذت إجراءات لمكافحة الفقر المدقع، وطورت سياسات لتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية، ونفذت وتنفذ برامج خاصة لتنمية القرى ومكافحة الجهل، وشكلت المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحارى، وأدمجت كافة قطاعات المجتمع في الخطة الوطنية للديمقراطية، كما عدلت أغلب التشريعات ذات الصلة بالعنصرية و قوانين العمل والإعلام والأحزاب السياسية الأسرة وحماية اللاجئين من التمييز.

وأكدت حكومة الكويت انها ما فتئت تعرب عن قلقها العميق إزاء جميع أشكال العنصرية والتمييز العنصري، بما في ذلك أعمال العنف وكراهية الأجانب التي ترتكب بدوافع عنصرية وعن إدانتها القاطعة لجميع تلك الأشكال. وأفادت بأنها تكفل خلو التدابير المتخدة لمكافحة الإرهاب على المستوى الوطني من التمييز على أساس الجنس أو الدين أو الأصل سواء من حيث الغرض من تلك التدابير أو أثرها، وأنها اتخذت تدابير تشريعية وتنظيمية وإدارية ملائمة لمنع الأفعال المنطوية على العنصرية وعلى التمييز العنصري. وينص الدستور الكويتي في مادتيه 7 و29 على مبدأي المساواة والحرية، ولا ترد في أى تشريع احكام تتعارض مع هاتين المادتين.

ثالثا : إشكاليات العنصرية والتمييز في العالم العربي
تعانى المجتمعات العربية من ظاهرات عديدة تتعلق بالممارسات العنصرية والتمييز العنصري والخوف من الأجانب، شأن كثير من بلدان العالم، لكنها تنفرد بظاهرات لا يكاد يوجد لها نظير في العالم مثل الطابع المؤسسي للعنصرية الذي يعانى منه الشعب الفلسطيني والذي تفرد له هذه الدراسة قسماً خاصاً.

وتتميز بعض هذه الظاهرات بحدة أطلقت نزاعات عسكرية عنيفة راح ضحيتها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وتشريد أعداد كبيرة من المواطنين، ونزوح ولجوء ملايين من الأشخاص. ويوصف بعض هذه النزاعات بأنه أطول نزاع في تاريخ القارة الأفريقية مثل مشكلة جنوب السودان، كما يوصف بعضها بأنه الأكثر دموية مثل صراع درافور وتأخذ بعض هذه الظاهرات طابعاً مزمنا، جراء الإهمال، أو السياسات القمعية، أو التدخل الخارجي، وأصبحت تهدد وحدة التراب الوطني في بعض البلدان.

ويأخذ بعض هذه الظاهرات طابعاً متنامياً في مخاطره، واتساع نطاقه الجغرافي مثل الصراعات الإثنية والقبلية والاجتماعية التي أفرزت أنماطاً من الحلول مثل المحاصصة الطائفية التي تكرس الهويات الأولية كمعيار لتولى المناصب الرئيسية للدولة بدلا من الكفاءة، وتعمق التمييز في إدارة شئون الدولة، وتعرقل بناء الدولة الحديثة القائمة على مبدأ المساواة أمام القانون.

العمالة المهاجرة:
يمثل نمط التعامل مع الأجانب والمهاجرين نمطاً مؤسفاً في الواقع العربي ويتبدى أبرز مظاهره فيما يسمى "بنظام الكفيل" في البلدان الخليجية الذي يخضع العاملين الأجانب لإجراءات تمييزية مهينة تبدأ بالتحفظ على جواز سفره، وتقييد حركته، والهيمنة على قدرته في الانتقال إلى عمل آخر، وإمكان ترحيله إذا ما وقع خلاف معه. وتفتح هذه الإجراءات مجالاً واسعاً لاستغلال الكفلاء لمكفوليهم من العاملين، كما تفتح الباب واسعاً لما أصبح يعرف في بعض البلدان الخليجية "بتجارة الإقامات" ولا توفر نظم العدالة المحلية إمكانيات واقعية للإنصاف سواء بمتطلباتها المادية الكبيرة التي تؤثر على قدرة العاملين في الوصول إلى العدالة، أو في إجراءاتها الطويلة التي تقوض عمليا إمكانية العاملين نظراً لصعوبات البقاء للمتابعة.

ويثير نظام الكفيل الكثير من النزاعات، خاصة في البلدان التي تستوعب أعداداً كبيرة من العاملين، كما ’يعرَض البلدان الخليجية للكثير من النقد من جانب دوائر حقوق الإنسان في هيئات الأمم المتحدة، أو غير الحكومية الدولية والإقليمية والمحلية، وتثار أحياناً انتقادات حادة من جانب الهيئات التمثيلية في بعض بلدان الخليج، خاصة في سياق الأزمات التي تترتب عليها.
لكن لم تحدث مقاربات جدية من جانب الحكومات العربية لمعالجة هذه الظاهرات، باستثناء بعض المعالجات الجزئية في الإمارات، وإن كانت البحرين تبذل مساعي لمراجعة هذه السياسات.

وتبرز من بين إشكاليات العمالة المهاجرة ظاهرة عاملات الخدمة المنزلية، وتتوزع هذه المشكلة بين ثلاث أطراف هم: الأطراف المستقبلة لهذه العمالة وتتركز أساساً في بلدان مجلس التعاون الخليجي الست وكل من الأردن ولبنان، والدول المصدرة لهذه العمالة وتتركز أساساً في ست بلدان آسيوية هي أندونيسيا والفلبين وسيريلانكا وبنجالاديش وتايلاند والهند، ويتمثل الطرف الثالث في شركات استقدام هذه العمالة، ويتحمل ثلاثتهم مسئولية أوجه انتهاكات حقوق هذه الفئة بدرجات متفاوتة، بينما يقع النقد الدولي عادة على البلدان المستضيفة.

وتتعرض هذه الفئة من العاملات لشتى أنواع الانتهاكات بدءًا مما يوصف بالاتجار بالبشر حيث يتم استدراج بعضهن إلى أعمال مخلة بالآداب بعد أن يكن قد تعاقدن مع شركات الاستقدام على أعمال الخدمة المنزلية، كما يتعرضن للانتقاص من أجورهن، وزيادة ساعات العمل، والمعاملة القاسية، والتحرش الجنسي. ويقوض من قدراتهن على حماية أنفسهن ثلاثة عوامل رئيسية: أولها عدم امتداد مظلة الحماية القانونية لهن طبقا لقوانين العمل المطبقة، وثانيها طابع العزلة الذي يمارسن فيه عملهن في خدمة مخدوميهن، بخلاف مجالات العمل الأخرى التي تتيح الوجود مع عاملين آخرين، وثالثها بيئة العمل التي تتيح العقاب البدني والتحرش الجنسي، وإمكانية تعرضهن لاتهامات من جانب مخدوميهن بالسرقة أو مخالفة القوانين. هذا فضلا عن صعوبات الوصول إلى العدالة التي يشاركن فيها أقرانهن من العاملين فى المجالات الأخرى.

وتقوم بعض البلدان المستقدمة للعمالة بمعالجة بعض الظاهرات الأكثر حدة فى مشكلة عاملات الخدمة المنزلية مثل توفير ملاذات آمنة للعاملات اللاتى يتعرضن للعنف، أوتوفير الانصاف لبعض الضحايا، أو زيادة المراقبة على شركات الاستقدام، وذهبت الأردن إلى وضع شروط مناسبة لعقود العمل لا يجوز الانتقاص منها. كما بدأت الأمم المتحدة تزيد من اهتمامها بهذه المشكلة. لكن ما لم يتم اتخاذ مبادرة شاملة تجمع بين أطراف المشكلة الثلاث وهى الدول المستقدمة للعمالة والمصدرة لها وشركات الاستقدام، ومد مظلة الحماية القانونية لهذه الفئات، فلن يكون هناك مجالا لحل هذه المشكلة.

ولا تتوقف مشكلات العمالة المهاجرة فى البلدان العربية عند وضعها كدول مستقبلة لهذه العمالة فحسب، فهناك بلدان مصدرة لهذه العمالة مثل مصر والسودان وهناك أخرى تحولت إلى معبر للعمالة المهاجرة وخاصة تلك المتوجهة إلى أوروبا مثل مصر وليبيا والمغرب وموريتانيا.

وتواجه العمالة المهاجرة في هذا السياق أوجه كثيرة من الانتهاكات، فمع نقص التنمية وفرص العمل وانتشار البطالة وضعف الأجور من ناحية، والقيود التي تفرضها الدول الأوروبية على استقبال العمال المهاجرين من ناحية أخرى برزت ظاهرة الهجرة غير النظامية لبعض البلدان العربية كدول طاردة للعمالة، أو كممرات عبور، وواجه العمال المهاجرين صنوفا من المخاطر والانتهاكات العميقة، ضاعف منها عملية التمييز العنصري التي استشرت في سياق مكافحة الإرهاب.

وتتمثل أبرز مظاهر الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة فى أعمال العنف والاحتيال التى يتعرض لها الآف من الشباب العربي في سياق السعي للهجرة غير النظامية، والتي أفضت ليس فقط إلى الاستغلال المالي، ولكن إلى تعريض حياتهم للخطر الجسيم فانتشرت "النعوش العائمة" وهى القوارب والسفن غير الآمنة التي توفرها عصابات التهريب لنقل العمال المهاجرين إلى سواحل أوروبا. وقد راح ضحيتها الآف من هؤلاء الشباب، وتعرض آخرون إلى الاعتقال والتحقيق وسوء المعاملة في سياق مخالفتهم للقوانين المحلية في رحلة العبور أو بلد الوصول إذ شددت البلدان الأوروبية من إجراءاتها القانونية والإدارية لمنع وصول هؤلاء إليها، أو إعادتهم.

وقد أجريت بعض المقاربات الجزئية في السعي لإيجاد حلول لهذه المشكلات مثل إجراء تعاقدات حول قبول دفعات من العاملين للعمل الموسمي، يتم ترحيل العاملين بعد انتهائها، كما أجريت حوارات حول وضع حلول شاملة لهذه الظاهرة مثل تقديم معونات للتنمية تساعد على استيعاب العمالة فى البلدان المصدرة، لكن لم تتخذ خطوات عملية لإنجاز هذه المبادرات وانطوت بعض هذه المبادرات على أوضاع تمييزية مثل إقامة مراكز استقبال فى دول العبور يتم الاختيار منها لقبول بعض الفئات واستبعاد أخرى، ولم تظهر آثار جدية للمعالجة الشاملة لمساعدات التنمية، وربما تتقوض مثل هذه الجهود على المدى القريب تحت وطأة الأزمة المالية الدولية، ومظاهر الركود التى تتعرض لها اقتصادات الدول الغربية.

عديمو الجنسية (البدون)
رغم انشغال معايير حقوق الإنسان الدولية مبكرا بإشكاليات عديمي الجنسية لما تنطوي عليها من مشاكل جسيمة للأفراد، والمجتمعات. فمن المؤسف أن بلداننا العربية تعانى من بعض مظاهرها الحادة ممن يطلق عليهم "البدون" وخاصة في بلدان الخليج.

وتشمل هذه الظاهرة مئات الآلاف من الأفراد يقيمون في البلاد بشكل متصل ولأجيال متعاقبة، لكن لا تعترف الحكومات بانتمائهم إلى جنسية هذه البلدان. وقد تفاقمت هذه الظاهرة بعد تحقيق هذه البلدان الكثير من الازدهار الاقتصادي، وقدرتها على توفير أوجه الرفاه الاجتماعي لمواطنيها حيث أصبح حمل جنسيتها وصفة مواطنتها تعنى العديد من المزايا الاقتصادية والاجتماعية في توزيع الأراضي، والإقراض من البنوك، وخدمات الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الاجتماعية. كما زاد من حدتها أحياناً انغماس أطراف من فئة البدون في اتخاذ إجراءات معادية للدولة مثل تأييد فئة من بدون الكويت أثناء الاحتلال العراقي للكويت عام 1990، فاتخذت دولة الكويت عقب التحرير إجراءات عقابية متشددة ضد كل البدون.

التمييز ضد النساء
تعانى النساء العربيات بشكل عام من عدم المساواة بينهن وبين الرجال فى القانون وفى الواقع، وعلى الرغم من الجهود للنهوض بوضع المرأة العربية والتحسن النسبي الذي حققته، تظل هناك مجالات عديدة تتعثر فيها هذه الجهود، وتكمن إجمالا في المشاركة السياسية للمرأة، وتطوير قوانين الأحوال الشخصية، وإدماج المرأة فى عملية التنمية، وحرمان المرأة المتزوجة من أجنبي من منح جنسيتها لأبنائها. وعجز النظام التشريعي القائم عن كفالة الحماية للنساء في مجال العنف في الوسط العائلي أو العنف الصادر عن الدولة أو المجتمع. ويبلغ العنف ضد النساء ذروته في مناطق تراكم الأزمات بالاحتلالات والنزاعات المسلحة خاصة في فلسطين والعراق والسودان والصومال.

ولا تكمن مصادر التمييز ضد المرأة في السياسات الحكومية فحسب، بل تتكرس بقدر مماثل من جانب المجتمع. وفى إحدى الحالات عرقلت قوى اجتماعية فى الكويت مشروعات قوانين أعدتها الحكومة لنيل المرأة حقها فى المشاركة السياسية، وحين أمكن تقنين الحق فى المشاركة فى نهاية الأمر، لم يتح المجتمع دخول سيدة كويتية للبرلمان بالانتخاب. وفى بلد آخر مثل مصر تمارس فيه النساء حقوقهن الانتخابية منذ عقود يبلغ تمثيل النساء في مجلس الشعب المصري نحو 2%.

مكافحة الأشكال الشبيهة بالرق
بانتهاء حرب جنوب السودان توقفت الادعاءات الخاصة بممارسة الرق التي تعرض لها السودان جراء معاملة القبائل للأسرى في سياق الاقتتال.

وواصلت حكومة موريتانيا تعزيز جهودها لمكافحة آثار الرق، الذي كان قد تم حظره قانوناً في نوفمبر/تشرين ثان 1981 لكن بقيت بعض آثاره في ضوء عجز النظام الاقتصادي الاجتماعي عن امتصاص آثاره وخاصة في بعض المناطق الريفية، وكذلك بسبب عدم إصدار قانون تنفيذي لقانون 1981.

وفى تطور إيجابي أقر المجلس التشريعي الموريتاني في 8 أغسطس/آب 2007 قانوناً تقدمت به الحكومة حول تجريم ومعاقبة الذين يقترفون هذه الجريمة. وبموجب القانون الجديد يواجه الأشخاص المدانون بالاسترقاق أحكاماً بالسجن تتراوح بين خمس وعشر سنوات.
كذلك شهدت البلدان العربية توجهات إيجابية في مواجهة الممارسات الشبيهة بالرق. فاهتمت بالإدعاءات المتعلقة بـ"الاتجار بالبشر"، وأجرت حوارات مع مقرري الأمم المتحدة المعنيين بهذه الظاهرة، وشرع بعضها في إصدار تشريعات لمكافحة هذه الظاهرة وإنشاء آليات مختصة بمواجهتها وإعداد تقارير عنها، واتخاذ إجراءات تنفيذية حيالها.

التمييز الإثنى:
يتعامل هذا القسم مع مصطلح الجماعة الإثنية باعتبارها الجماعة التي يشترك أفرادها في واحد أو أكثر من عناصر اللغة والدين والطائفة، ويملكون الوعي بخواصهم المشتركة تلك وغيرها من العوامل التي تجعل من الجماعة الإثنية "معطاة" وليس كعلاقة يمكن العدول عنها مثل الانتساب للجماعة عن طريق الميلاد أو التاريخ المشترك أو الوطن أو ذكرى الوطن.

كما يقتصر تعامل هذا القسم على التفاعل مع قضية الجماعات الإثنية من منظور مكافحة التمييز أي مدى ما يتعرضون له من تمييز، ومدى التقدم في إزالة أوجه التمييز.

وتلاحظ الدراسة أنه طرأ تحسن كبير على واقع التمييز الإثنى في العالم العربي، والذي كانت أبرز تجلياته هي النزاع المحتدم في جنوب السودان، وإرث أزمة ذوى الأصول السنغالية فى موريتانيا، والتوترات التي سادت المجتمع الأمازيغى فى علاقته مع الدولة في الجزائر.
وقد تحقق التقدم فى جنوب السودان بفضل اتفاقية سلام الجنوب وملحقاتها، والتي أعادت توزيع السلطة والثروة بين الشمال والجنوب، وأقرت بحق تقرير المصير للجنوبيين فى إطار فترة زمنية محددة يتم فى نهايتها إجراء استفتاء في الجنوب يختار فيه الجنوبيين بين الوحدة مع الشمال فى إطار صيغة فيدارلية أو الاستقلال التام.

وقد وضعت اتفاقية سلام الجنوب حداً لأطول نزاع عرفته القارة الأفريقية، لكن قبل أن ينعم السودان بالاستقرار تفجرت أزمة دارفور فى العام 2002، واتسع مداها إلى حد خطير حتى أصبحت توصف بأنها أكثر النزاعات الراهنة دموية بحجم ما سقط فيها من ضحايا وما ترتب عليها من تشريد ونزوح ولجوء، وما ارتكب خلالها من جرائم حرب.

تجمع التحليلات على أن جذور مشكلة دارفور تكمن في التمييز الذي تعرض له أبناء دارفور، والذي عانوا منه لعقود من التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والنقص الحاد في المرافق والخدمات، لكن عدا الإجماع على هذا البعد تتضارب التحليلات، فيذهب بعضها إلى اعتباره تمييزا عنصريا ونزاعا بين العرب والأفارقة، كما يذهب البعض إلى اعتباره مؤامرة دولية تستهدف تقويض نظام الحكم فى السودان والإمعان فى تقسيمه بعد أن نجح اتفاق سلام الجنوب فى طرح خيار الانفصال.

لكن لا تتفق هذه الورقة مع رؤية الصراع في سياق التمييز العنصري، فبعد قرون من الانصهار العميق بين العرب والأفارقة عبر المصاهرة والأنساب والاختلاط لم يعد من الممكن التمييز بين العرب والأفارقة، وهو ما يختلف عن بلدان أفريقية أخرى مثل رواندا وبورندي، بل وكان الجيش السوداني الذي حارب فى الجنوب يعتمد فى تشكيله على أبناء دارفور وهو أمر لا يستقيم معه تقسيم أبناء الإقليم إلى عرب وأفارقة. وترى هذه الورقة أن هذا التمييز منطلق من النشاط الاقتصادي وليس الأصل العرقي. وبالقدر نفسه تذهب هذه الورقة إلى أن تفسير النزاع كمؤامرة دولية ضد السودان إنما يستخف بمكامن الداء. وأن النزاع الداخلي وسوء إدارة الأزمة هما اللذان جلبا التدخل الخارجي. وتظل المشكلة -في رؤية هذه الورقة- هي أزمة حكم، وأزمة تنمية، وأزمة ديمقراطية ويبقى مناط حلها متصلا بهذه المنطلقات الثلاثة.

ويتمثل التقدم الثاني الذي تحقق في معالجة إرث النزاع العرقي فى موريتانيا الذي نشب خلال الأعوام 1989-1991 والذي أفضى لأعمال قتل وتشريد عدد كبير من المواطنين الموريتانيين ذوى الأصول السنغالية ولجوء أعداد كبيرة منهم إلى السنغال ومصادرة ممتلكاتهم ومنعهم من العودة إلى بلدهم. وقد ظلت هذه المشكلة موضع انتقادات كبيرة للحكومة الموريتانية كما ظلت موضع نزاع سياسي كبير مع السنغال.

وقد اعترف الرئيس الموريتاني في 29 يونيو/حزيران 2007 بمسئولية الدولة عن الانتهاكات التي تعرض لها هؤلاء المواطنون ونظمت الحكومة لقاءات وطنية بدءا من 15 نوفمبر/تشرين ثان 2007 لمناقشة إعادة المبعدين خلال أشهر فى إطار خطة ترعاها المفوضية السامية لشئون اللاجئين في الأمم المتحدة، في سياق اتفاق ثلاثي بين موريتانيا والسنغال والمفوضية. كما أنشأت الحكومة آليات لتنفيذ هذا التوجه شمل توسيع اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الموضوع، وإنشاء لجنة وطنية للتوجيه، ولجان جهوية ولجنة للحكماء، وإنشاء وكالة وطنية لدمج اللاجئين، كما أقرت في ميزانية العام 2008 موارد مالية لإنجاز هذه المهام، وأشركت منظمات المجتمع المدني في هذه الخطوات.

وبدأت طلائع اللاجئين في الوصول إلى الوطن الأم في شهر يناير 2008. وذكرت المصادر الصحفية الموريتانية أن العائدين سيستفيدون من برنامج طوارئ يتيح تزويد الرعاة بقطعان ماشية، والفلاحين بأراضي لتمكين العائدين من سبل البقاء.

ويأتي مشهد التقدم الثالث في مكافحة أشكال التمييز الإثنى فى الجزائر الذي كانت تشكو منه الجماعة الإمازيغية فبعد سلسلة توترات اجتماعية عبرت عن استياء المجتمع الإمازيغي في الجزائر على خلفية مطالب اقتصادية واجتماعية، وتحولت إلى مواجهة دامية راح ضحيتها 80 شخصا، شرعت الحكومة الجزائرية فى حوار مع "تنسيقية العروش"، تقدموا خلاله بمطالب عبر ما سمى "بلائحة القصر" استجابت الحكومة لأهمها، وهو الاعتراف بالإمازيغية كلغة وطنية وتم النص على ذلك في تعديل دستوري أجرى في العام 2002 يستكمل سلسلة من الإجراءات الإيجابية التدريجية كانت الحكومة قد بدأتها في التسعينيات.

لكن ظلت قضية التمييز الطائفي تمثل آفة مزمنة على الساحة العربية. فرغم أن الطائفية فى ذاتها لا يجوز استنكارها في سياق التنوع، وحريات التجمع والتعبير، فإن استفحالها واستبدالها بولاءات الدولة المدنية يشكل مشكلة جوهرية فى بناء الدولة الحديثة، كما تخلق أنماطا من التمييز لا يمكن تفاديها، كما يمكن أن تفضي إلى نزاعات أهلية بل وربما دولية.

ومن المؤسف أن المجتمعات العربية عانت السلبيات الثلاث، استفحال الظاهرة، وآثارها على تماسك المجتمعات العربية، وتحولها إلى نزاعات مسلحة. وأضافت معالجة بعض الحكومات العربية للمشكلات الطائفية بعداً رابعاً بسوء الإدارة وإدماجها في الصراعات الحزبية والسلطوية، فأطلقت كل سوءاتها. كما أضافت التدخلات الخارجية بعداً خامساً جعل من الطائفية خطراً داهماً.

تاريخيا وجد لبنان في "المحاصصة الطائفية" حلاً للنزاعات الداخلية وتوزيع السلطة والموارد، لكن ظلت هذه الصيغة تمثل أحد عوائق بناء الدولة الحديثة، كما مثلت بعداً رئيسياً من أبعاد الحرب الأهلية المريرة التي عانى المجتمع اللبناني من ويلاتها طيلة سبعة عشر عاماً منذ العام 1976، وبينما كان إلغاء الطائفية السياسية أحد عناصر اتفاق الطائف الذي يمثل قاعدة إنهاء الحرب الأهلية، فقد بقى عالقا دون تقدم، وبقى مصدراً للتمييز، كما بقى بمثابة "النار تحت الرماد" حتى أججته عوامل داخلية وخارجية من بينها تداعيات العلاقة مع سوريا، وحملة الاغتيالات السياسية التي طالت الرئيس الحريري، وتداعيات حرب تموز (يوليو) فى العام 2008. وإذ أكد مسار التطور السياسي بعد حرب تموز مرة أخرى إمكانيات استخدام الطائفية كوسيلة لتغطية نزاعات سياسية واجتماعية داخلية وخارجية، وأن الطائفية قادرة على شل الدولة، وربما الاستغناء عنها. وهى مخاوف موضع مناقشة مستورة، وأحيانا علنية على الساحة اللبنانية فى استخلاص دروس الأزمة الراهنة.

على الساحة العراقية، كما على الساحة اللبنانية، كانت الطائفية محركاً أساسياً للأوضاع. ودون إغراق فى الجدل المثار حول خبرة مرحلة الرئيس الراحل صدام حسين، فقد أدى الغزو الأمريكي للعراق، وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وتفكيك مؤسسات الدولة، وإعادة تركيبها على أساس "المحاصصة الطائفية" إلى إشعال نيران حرب طائفية لعبت فيها قوات الاحتلال دوراً رئيسياً، وأنزلت ويلات مدمرة على الشعب العراقي ككل، ليس أولها أعمال القتل واسعة النطاق والتطهير الطائفي والتعذيب، وليس آخرها تشريد ملايين المواطنين بين النزوح الداخلي واللجوء إلى الخارج. وأصبحت مصدرا للتمييز الفاحش وتحديا أمام مستقبل العراق، ووحدة ترابه الوطني. كما أطلقت موجات من التوتر في سائر أنحاء العالم العربي، تصنف الناس على أساس مذاهبهم وطوائفهم، أكثر مما تصنفهم على أساس رؤاهم السياسية وأفعالهم الاجتماعية.

وجنبا إلى جنب مع هذه المظاهر الحادة لم تسلم بلدان ومجتمعات عربية أخرى من الاحتقان الطائفي، حيث يثور جدل كبير فى البحرين، حول المكونات الطائفية لسلطة الدولة، وإدعاءات حول سياسات تجنيس تعمل على تغيير الأوزان النسبية للطوائف داخل المجتمع، كما تضمنت مطالب قيادات شيعية إلى العاهل السعودي مطالب تدعو لإزالة أوجه تمييز يشكو منها المواطنين الشيعة فى المملكة. ويدور نقاش أقل حدة في المجتمع الكويتي، يشتد أحيانا في سياق المنافسات السياسية لانتخابات مجلس الأمة. ولا يقتصر هذا النقاش على البلدان الخليجية فحسب، بل يمتد أيضاً إلى سوريا.

التمييز الديني:
بخلاف التقدم الذي أحرزته البلدان العربية في سياق مكافحة التمييز العرقي، فقد عانت البلدان العربية من جراء التمييز على أساس الدين، في ظاهرة مركبة تكتوي منها المجتمعات العربية.

ففي سياق أحداث الحادي عشر من سبتمبر اندلعت موجة من الكراهية العنصرية ضد شعوب الأمة العربية والإسلامية، ووقعت المجتمعات العربية تحت وطأة نظرة دونية تدمغ شعوب الأمة العربية، كجماعة قومية بالإرهاب وتزدرى دينهم ومعتقداتهم، وانخرط فى هذا التوجه زعماء سياسيين ومسئولين وكتاب ومفكرين وفنانين وقادة دينيين طرحوا صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين أدت إلى إشاعة الكراهية العنصرية، وتعزز نمط التمييز العنصري في سياق مكافحة الإرهاب، وإخضاع البلدان العربية لوصاية دولية في صورة نمطية للعنصرية الكلاسيكية.

وفى سياق هذه الحالة تعززت مظاهر التطرف الديني وبلغت ذروتها في العراق تجاه بعض الطوائف المسيحية والزيدين، وأثارت احتقانا طائفيا في مجتمع مستقر مثل مصر. تطورت في سياقه وقائع احتكاكات اجتماعية تقليدية إلى وقائع عنف طائفية وأفرزت فئات متطرفة على الجانبين وضخمت أوجه التمييز غير المقبولة التي يشكو منها الأقباط المصريين. ودقت نواقيس الخطر أمام مجتمع يصر على التماسك الاجتماعي والتعايش المشترك. فانطلقت العديد من المبادرات الرامية إلى تصحيح أوجه الخلل شاركت فيها مؤسسات الدولة و المجتمع المدني، ويحسب للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر جهده في هذا الشأن حيث أجرى حوارات متعمقة مع كافة الأطراف المعنية، وأعد مشروعات قوانين لإزالة كل أوجه التمييز وإعلاء قيمة المواطنة كأساس لتعامل بين المواطنين المصريين شملت مشروعا بقانون للبناء الموحد لدور العبادة، وآخر للمساواة وتكافؤ الفرص. ووسع مقترحاته لتشمل معالجة أوجه التمييز التي تعانى منها بعض الجماعات الدينية الصغيرة.
* * *

مكافحة العنصرية والتمييز العنصري فى السياق الدولى





ورقة خلفية مقدمة إلى
الاجتماع التحضيري العربي لمراجعة ديربان
(القاهرة 28 – 29 مارس/آذار 2009)

أبعاد ظاهرة العنصرية في الأدبيات الدولية

تكفل المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة (1945) المبدأ الأساسي لحظر التمييز، وأكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 على مبدأ المساواة والكرامة الإنسانية المتأصلة في كافة بني البشر([1]) وهي مبادئ وحقوق أصيلة وغير قابلة للتصرف، وتعبر المادتين 2 و7 ([2]) عن المبدأ الحاكم في الإعلان، وبالتبعية المبدأ الحاكم في مختلف اتفاقات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتنص المادتين على حظر التمييز، وتختص المادة 2 بحظر التمييز في أي من مجالات تطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فيما تنصرف المادة 7 إلى حظر التمييز في التطبيقات القانونية عموما وتطبيقات القوانين الوطنية بصفة خاصة.
وتعرف الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (1965)([3])، التمييز بأنه:
أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثنى، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة (المادة 1).

وتعتبر الاتفاقية التمييز العنصري مؤسسيا عندما يمارس بانتظام وبكثافة، خصوصا عند تقنين ممارسة الفصل على أساس عنصري، أو بموجب سياسات، أو ممارسات تتكرر وتبقى بمرور الوقت. كما تعتبر أن التمييز العنصري الممأسس محظوراً ويماثل جريمة الأبارتهايد. وعليه، تفرض المادة (3) من الاتفاقية على الدول العمل على إدانة الفصل العنصري والأبارتهايد والتعهد بمحاربة وحظر وإلغاء كافة الممارسات المماثلة في مناطق سيادتها.

و وتنبع ممارسة العنصرية والتمييز العنصري بشكل أولي من اعتبارات مثل "الفوقية" و"الدونية" التي يتم إضفائها على المجموعات العرقية أو الإثنية أو غيرها([4]), وهي مفاهيم تستخدم في تبرير امتهان البشر "الأقل" أو حتى القضاء عليهم، ولا تمتلك مثل هذه النظرية "أي أساس علمي وتناقض المبادئ الأخلاقية للإنسانية"([5]).
وفضلاً عن حظره للتمييز، يحظر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966) في المادة 20 أي تشجيع للكراهية الإثنية أو العنصرية أو الدينية والتي تتضمن التحريض على التمييز أو العداء أو العنف([6]). وبالمثل حفلت مختلف المواثيق والمعاهدات الدولية توصيات الأمم المتحدة وغالبية المواثيق الإقليمية والقارية لحقوق الإنسان بنصوص تهدف لحظر التمييز وإبراز وسائل مكافحته وآليات معالجة الأسباب المؤدية إليه.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت أن العقود الثلاثة الواقعة ما بين عامي 1973 و2003 هي عقود مناهضة العنصرية والتمييز العنصري، وبالرغم من الجهود الدولية طوال هذه الفترة، إلا أن المقاصد والأهداف لم تتحقق على النحو المأمول، وبقيت الأسباب الجذرية والثانوية للعنصرية المؤسسية والتمييز العنصري المؤسسي وأشكال عدم التسامح الأخرى ذات الصلة بقيت بارزة بأشكالها المختلفة في غالبية الأمم، فضلا عن كونها ممارسات عابرة للحدود الوطنية والثقافية، وتؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والتي تتراوح بين ممارسات تمييز وصراعات عنف.
وكان المؤتمر العالمي الثالث لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وأشكال عدم التسامح الأخرى (دربان- جنوب إفريقيا، 31 أغسطس/آب - 8 سبتمبر/أيلول2001) من بين الجهود الدولية الهادفة لإنهاء القلق المتزايد (قرار الجمعية العامة في العام 1997 بعقد المؤتمر).
وكان من أهم أهداف المؤتمر، ومن بين أمور عدة، "إعادة تقدير المعوقات التي تواجه التقدم في مجال مكافحة العنصرية والتمييز، والتعرف على طرق التغلب عليها"، وكذلك استهدف المؤتمر تأطير توصيات راسخة لاتخاذ إجراءات تقدم أصيلة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في سبيل بلوغ هذه الغاية".
وبمقتضى إعلان وبرنامج عمل دربان([7])، تم تأسيس صندوق طوعي لمساندة تنفيذ بنود ومواد الإعلان والبرنامج، ويقوم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بتصدر جهود ومسار تطبيق برنامج المؤتمر، فيقدم تقرير إنجاز سنوي إلى لجنة حقوق الإنسان حتى نهاية عملها في العام 2005 وإلى مجلس حقوق الإنسان منذ العام 2006 وكذا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن التقدم المحرز في تطبيق هذه النصوص، بعد التشاور مع فريق عمل من خمسة خبراء مستقلين.
وأسس مكتب المفوض وحدة لمكافحة العنصرية، ومن بين مهامها، إنشاء قاعدة بيانات للمصادر و"أفضل الممارسات" فيما يختص بمكافحة العنصرية.
ويدعو برنامج عمل دربان الدول للحوار مع المنظمات غير الحكومية لتطوير سياسات وطنية عملية مبنية على الواقع وبرامج عمل وتعاون محلية ومتعددة الأطراف لنشر "التعددية وتكافوء الفرص والتسامح والعدالة الاجتماعية والإنصاف"، وتقديم معلومات عن هذه الإجراءات إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وأصدرت اللجنة التعاهدية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري التوصية العامة رقم 28 والتي تتعلق بمتابعة نتائج المؤتمر العالمي في ضوء الإقرار بدور اللجنة المحوري كجهاز أساسي في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وتحدد التوصية الإجراءات التي على الدول أن تتخذها لتعزيز تطبيق الاتفاقية.
وقام مجلس حقوق الإنسان في العام 2008 بتمديد ولاية المقرر الخاص المعني بأشكال العنصرية المعاصرة والتمييز العنصري لمدة ثلاث سنوات جديدة، وهي الولاية التي أسستها لجنة حقوق الإنسان السابقة في العام 1993.
كما كانت لجنة حقوق الإنسان (المنتهية ولايتها) قد أسست في العام 2002 فريق عمل للخبراء في قضايا ذوي الأصول الأفريقية([8])، والذي يتكون من خمسة خبراء يعملون بهدف وضع اقتراحات تفصيلية للقضاء على العنصرية والتمييز العنصري ضد ذوي الأصول الأفريقية، ومدد مجلس حقوق الإنسان في العام 2008 ولاية الفريق لمدة ثلاث سنوات جديدة.
وبالرغم من هذه النماذج التي تعكس الاهتمام الدولي الواسع بتطوير جهوده لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، إلا أن التقارير الدولية المتخصصة، وخاصة تلك الصادرة عن آليات الأمم المتحدة، لا تعكس تقدماً وجدياً في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري ورهاب الأجانب وما يتصل بها من تعصب منذ انعقاد المؤتمر العالمي الثالث في دربان (2001)، حيث حفلت هذه التقارير بمظاهر تعكس تفاقم العديد من الظاهرات السلبية الخطيرة.

فتكشف التقارير الرصينة للمقرر الخاص لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري ([9])عن العديد من الظاهرات المؤسفة، وفى مقدمتها استمرار وعودة ظهور النازية والفاشية الجديدة والأيديولوجيات القومية الداعية إلى العنف والتحامل العنصري والقومي، واختراقها للبرامج السياسية للأحزاب الديمقراطية مما أدى إلى تعميم النظرة بصورة عادية إلى الخطاب العنصري وبالتالي الأعمال العنصرية أو القائمة على كراهية الأجانب وإضفاء الشرعية عليها من جانب عدد متزايد من المتعصبين. ولهذه الأسباب اعتبر المقرر الخاص أن العنصرية وكراهية الأجانب "يشكلان في الوقت الراهن أكبر تهديد للديمقراطية" ومن بينها كذلك تراجع الأسباب التعسفية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، على مستوى التصورات وأنماط التفكير واعتبارها أمراً طبيعياً، واستخدامها كأداة سياسية ومن ذلك اتجاه التجربة التاريخية للأحزاب الديمقراطية في بعض البلدان إلى ترويج طابعاً إيجابياً للعنصرية داخل التعليم، وتزايد النظر إلى نقص التنمية بوصفه تعبيرا عن ثقافات وتقاليد رجعية ومتخلفة، وإرجاع الصراعات الدائرة في بعض مناطق العالم مثل أفريقيا إلى أسباب عرقية بدلا من الأسباب السياسية. ويؤدى النظر إلى العنصرية كأمر طبيعي إلى الانتقال إلى مرحلة العمل الفعلي الذي يدل عليه التصاعد العام للجرائم العنصرية والمتصلة بكراهيته الأجانب.

وينبه المقرر الخاص في تقاريره إلى تصاعد العداء للسامية والمسيحية وبالأخص كراهية الإسلام. وقد خصص تقريراً مستقلاً لكراهية الإسلام بناء على تكليف من مجلس حقوق الإنسان، نظرا لتناميها المثير للقلق في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقد أوضح تصاعد ظاهرة كراهية الإسلام، وأشار إلى أنه في إطار التعبير النمطي لهذه الظاهرة ’ينظر للمسلمين بوصفهم معارضين لما يسمى بالقيم الغربية، وكثيرا ما يصورون كأعداء وكخطر يتهدد القيم الوطنية والتماسك الاجتماعي. ويترتب على ذلك خطاب يؤدى في حالات كثيرة إلى إقناع المسلمين الذي يعيشون في الخارج بأن " ينصهروا" في بوتقة الثقافات المحلية، حيث يطلب منهم بصورة ضمنية أو صريحة التخلي عن تراثهم الثقافي أو الديني بل وحتى عن هويتهم المميزة. وهذه الاتجاهات، بالإضافة للمناخ العام من مواقف الريبة الممنهجة والواسعة الانتشار ضد المسلمين تفضي إلى جميع أنواع التعصب التي تتراوح بين أفعال فردية كالإساءات اللفظية العدوانية والتعبيرات التنميطية، وبين العنف المادي والتمييز المقنن.
وتظهر تقارير المقررين الخاصين بمتابعة حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب([10])، العديد من أوجه تأثر التمتع بحقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب وتلفت تقارير السيدة كاليوبي .ك. كوفا، النظر للعديد من الظاهرات المؤسفة من بينها الخوف من الإرهاب بدرجة لا تتناسب مع خطره الحقيقي وهو خوف تؤكده الدول في حد ذاتها أو جهات أخرى لحمل الأفراد على قبول تدابير مكافحة الإرهاب التي تخل – بلا مبرر بقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بما قد يعزز التعصب الديني أو الأمني أو يقوض التضامن الدولي. كما تلفت النظر إلى الفرق القائم بين النزاع المسلح والإرهاب خاصة النزاعات التي تنشب في سبيل الحق في تقرير المصير، واستخدام أسلوب بلاغي لعبارة " الحرب على الإرهاب" تصف الحروب على أنها إرهاب، وتطلق على المقاتلين في الحروب اسم إرهابيين مما يؤدى إلى إلغاء القانون الإنساني وعدم الامتثال له، كما نبهت إلى أن عددا من الجرائم لا تمت للإرهاب بأي صلة مباشرة أو غير مباشرة أدرجت في التشريعات الوطنية لمكافحة الإرهاب، أو تنظر فيها سلطات التحقيق كجرائم تندرج في هده التشريعات.

وينبهنا "مُقَرر" صادر عن مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر 2007 بأن أشكال الرق المعاصرة هي مسألة عالمية تطال بتأثيرها جميع قارات العالم ومعظم بلدانه، وآخذة في التزايد كما أن التقدير الأدنى يشير إلى أن عدد المستعبدين يتجاوز 12 مليون شخص.

وتُوضح تقارير المقرر الخاص بالحقوق الإنسانية للمهاجرين([11]) الانتهاك المستمر لحقوق المهاجرين غير النظاميين سواء في البلد الأصلي، أو بلدان العبور أو الوصول، ومع إقراره بحق ومسئولية الدولة في حماية حدودها ووضع السياسات المنظمة للهجرة، فقد أكد على مسئولية الدولة في كفالة حقوق المهاجرين أثناء تطبيق وسن القوانين الوطنية المنظمة لشئون الهجرة بغض النظر عن الوضع القانوني للمهاجر. ولفت الانتباه إلى أن التوسع في تجريم الهجرة غير النظامية، وانتهاك حقوق المهاجرين خلال جميع مراحل عملية الهجرة والذي يتزامن مع مقاومة معنوية رافضة لوجود مهاجرين على أراضيها، ينعكس في السياسات وأطر العمل المؤسسية التي تصمم من أجل السيطرة على تدفق المهاجرين. وأبرز الاتجاهات العامة إلى فئتين رئيسيتين: التوسع في وضع السياسات التي تضبط الهجرة، وكذلك تجريم هجرة العمالة. وأدرج تحت هاتين الفئتين ثلاث قضايا فرعية: أولها الانتهاكات التي تمارس ضد المهاجرين غير النظاميين الذين يتم اعتراضهم وإنقاذهم من الغرق، وثانيها الاعتقال والترحيل، وثالثها التهريب والاتجار.

ولا تظهر تقارير الأمم المتحدة عن أوضاع المرأة في العالم، وخاصة التقرير الصادر عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في 6 مارس/آذار 2007، وتقارير مقررة الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة ظاهرة العنف ضد النساء([12])، تقدما مكافئا الجهد الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة خلال ثلاثين عاماً منذ تبني الاتفاقية الدولية بشأن مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة ومصادقة 185 دولة عليها، وأكثر من عشر سنوات منذ انعقاد المؤتمر العالمي للمرأة في بكين 1995. فلا يزال النساء يعانين من أشكال التمييز في العديد من بلدان العالم.

وتشمل أشكال التمييز التي جرى رصدها، تمييزاً قانونياً واسعاً في التشريعات والبنية القانونية، ولم تفي الدول باتخاذ التدابير اللازمة لإزالته ولم تحترم وعودها، بل وفشلت في وضع الأساس القانوني المناسب لتحقيق المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في غالبية الدول. ومن هنا، فقد فشلت غالبية الجهود والسياسات التي التزمت بها الدول من أجل تمكين المرأة وإزالة أوجه التمييز المؤسسية الطابع.

وفي بعض البلدان، تجبر المرأة على التخلي عن اسمها وحمل اسم زوجها، وفي بعض البلدان، تحرم النساء من حقوق الميراث أو امتلاك العقارات، وفي بعض البلدان، تحرم المرأة من حريات الحركة والتنقل والسفر بدون مرافقة من حراسها الذكور، وفي بعض البلدان، لا تنال المرأة حقوقها في التعليم والتوظيف وتولي المواقع العامة إلا بشكل نادر وظرفي، وفي بعض البلدان، تحرم المرأة من نقل جنسيتها إلى أبنائها لزواجها بأجنبي، وتتفاقم أزمة الأبناء بما فيهم الإناث على نحو خطر إذا ما كان والهدم عديم الجنسية، فضلاً عن تداعيات حرمان الأم من حقوقها وهشاشتها.

وتجد التقارير في ظاهرة العنف ضد النساء المتفشية حول العالم الظاهرة الأخطر في انتهاك الالتزام بحقوق المرأة، وخاصة العنف الجنسي واسع الانتشار في كافة دول العالم، والتساهل في مواجهة مرتكبيه إما بالتغافل عن توفير الحماية التشريعية اللازمة والامتناع عن تفعيلها إن وجدت، أو بالتسامح العملي إزاء الجناة.

ولا يبدو المجتمع الدولي مكترثا لكل هذه الأبعاد المخيفة، فانشغالات الدول الكبرى معنية بضبط توجهات مؤتمر مراجعة ديربان، وتحديد وجهة النقد وليس تحليل الظاهرات وسبل حلها. وأكثر ما أبداه من مواقف هو السعي لتوجيه المؤتمر في سياقات تبرر الممارسات العنصرية أكثر من معالجتها، ومن خلفهم تكرس إسرائيل، والحركة الصهيونية العالمية كل همها "لتصحيح ديربان" بمعنى حرف المؤتمر عن أية إدانة للممارسات العنصرية لإسرائيل، أو الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني. فيما انشغلت بعض البلدان العربية بضبط مشاركة المنظمات غير الحكومية بدعوى عدم استخدام مسألة مشاركتها في المؤتمر كمدخل إجرائي لعرقلة مناقشة بعض قراراته.

قضايا الاهتمام في الجهود التحضيرية الإقليمية

كان مؤتمر أمريكا اللاتينية والكاريبي([13])، هو أول الجهود الرسمية الإقليمية للتحضير لمؤتمر مراجعة ديربان، وقد عقد في برازيليا في الفترة من 17 إلى 19 يونيو 2008 وسبقه منتدى للمجتمع المدني عقد فى نفس المدينة في الفترة من 13-15 يونيو 2008 وقد انصب اهتمامه الرئيسي على السكان الأصليين، وذوى الأصول الأفريقية والمهاجرين والنساء والأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة، والمسنين، وعديمي الجنسية وضحايا الإيدز. ولم يمد المؤتمر اهتمامه خارج نطاقه الجغرافي ولم يتفاعل مع قضايا حادة أخرى على الصعيد الدولي مثل الممارسات العنصرية في سياق مكافحة الإرهاب.

وكان المؤتمر الإقليمي الأفريقي([14]) هو التالي، وعقد في أبوجا (نيجيريا) في الفترة من 24-26 أغسطس 2008، ولم يسبقه منتدى للمنظمات غير الحكومية التي اقتصر إسهامها عبر المؤتمر الرسمي وفقا للنظام الأساسي للمؤتمر. وبينما شارك المؤتمر، المؤتمر الأمريكي اللاتيني في اهتمامه بالمهاجرين، وذوى الأصول الأفريقية، والنساء والأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة والمصابين بالإيدز والأمراض المعدية، فقد انصب اهتمامه الرئيسي على الاجحافات التي تعرضت لها شعوب القارة الأفريقية جراء الاستعباد، وتجارة الرقيق، والاستعمار، والأبارتهايد، وما ترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية أدت إلى عدم مساواة وإبداء الأسف إزاء محاولات إضفاء شرعية أدبية أو علمية على بعض الإجراءات العنصرية الرامية لإحياء بعض النماذج العنصرية تجاه الأفارقة. وأثار قضية التعويضات، كما عبر عن امتنانه للدول التي اعتذرت رسميا لضحايا الاستعمار والظلم التاريخي. وأكدت الوثيقة الأفريقية على مبادئ الكرامة، والتسامح والحريات الدينية.

وبخلاف مؤتمر أمريكا اللاتينية والكاريبي الذي صب اهتمامه على نطاقه الجغرافي أوردت الوثيقة الأفريقية فقرة خاصة بالقضية الفلسطينية أعادت التأكيد على القلق لأوضاع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الأجنبي، والتأكيد على احترام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والدعوة إلى التوصل لحل عادل وشامل ودائم للسلام في المنطقة.

بعد هذين المؤتمرين لم تعقد مؤتمرات إقليمية أخرى، واستبدلت المجموعات الدولية ذلك بإسهامات مكتوبة تعبر عن وجهة نظرها تجاه القضايا المثارة في مؤتمر مراجعة ديربان.

وقد جاءت أولى هذه المساهمات من منظمة المؤتمر الإسلامي([15]) في 25 سبتمبر 2008 وقد انصب اهتمامه الأساسي على قضية التشهير بالمسلمين والإسلام وتكريس العنصرية ضد المهاجرين والأقليات بدعوى حرية الدين ومكافحة الإرهاب. كما أكد على الحوار بين الأديان والتحالف من أجل السلام وتحالف الحضارات ووضع حد للتشهير بالأديان والتأكيد على التعددية الثقافية والقبول بالآخر.

واقتفت وثيقة المؤتمر الإسلامي اثر وثيقة المؤتمر الأفريقي بنص ضعيف تجاه القيمة الفلسطينية يشير إلى أنه رغم سبع سنوات على إصدار مقررات ديربان، فقد استمر إنكار الحق الأساسي للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وخضع- في سياق دعيم الاحتلال- لعقوبات جماعية غير قانونية، وتعذيب، وحصار اقتصادي، وتقييد شديد لحركته، وإغلاق عشوائي لأراضيه، واستمر بناء المستوطنات غير القانونية في الأراضي المحتلة. وأشار إلى أنه يتعين على مؤتمر مراجعة ديربان أن ينظر في أوضاع حقوق الإنسان، وبحث الدول الأعضاء على أن تطبق مبادئ مقررات ديربان من منظور الوصول إلى سلام في الشرق الأوسط.

لم يربط النص بين محنة الشعب الفلسطيني والإستراتيجية العنصرية لإسرائيل في إدامة الاحتلال، وجاءت أقسى أوصاف للإجراءات الإسرائيلية بأنها "غير قانونية، وأقصى مطالبه، بتطبيق مقررات ديربان"، وخلا من أي إشارة للاحتياجات العسكرية الإسرائيلية اليومية، وإقامة جدار الضم العنصري، واحتجاز نحو 12 ألف فلسطيني. والأخطر من ذلك هو عدم إشارته لقضية القدس الذي تمثل قضية مركزية للعالم الإسلامي، ومحكا رئيسياً لإستراتيجية إسرائيل العنصرية.

وجاءت المساهمة التالية من الاتحاد الأوروبي([16]) في 7 أكتوبر 2008، وقد ركزت على التمييز ضد ضحايا الاتجار بالبشر الذين يعانون من العنف، والتمييز في حالات العبودية والممارسات الشبيهة بها ومنها عبودية الدين والاستغلال الجنسي، والمهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين وخاصة العاملين في الخدمة المنزلية، والتمييز ضد النساء والأطفال، وضحايا العنصرية الدينية والأقليات الدينية والخوف من الإسلام والمسيحية ومعاداة السامية مع تركيز اهتمام خاص على معاداة السامية، والتذكير بتعهد الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي وغيرها بإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست، وإدانة أي إنكار للهولوكوست كحدث تاريخي كما أعطت اهتماماً خاصاً لصور العنصرية ضد المسلمين ومخاطر الرسوم المسيئة للإسلام وتعهد دول الاتحاد بمحاربتها وتأكيد حرية الأديان والعقائد وممارستها.
كما ركزت على شجب التمييز على أساس التوجه الجنسي أو حالات الازدواجية الجنسية أو المثليين وقد أكدت الوثيقة الأوروبية على التعليم، وحرية الرأي والتعبير، والتعددية الثقافية وحوار الثقافات والحضارات.

وجاءت المساهمة التالية من المنطقة الآسيوية([17]) في 10 أكتوبر 2008 وأعدها المندوبون الدائمون والسفراء من مجموعة الدول الآسيوية الأعضاء. وقد ركزت على الوقائع العنصرية ضد الأقليات والمهاجرين وغيرهم من الجماعات الآسيوية المقيمة في كافة القارات. كما عبرت الوثيقة عن عميق القلق إزاء معاداة السامية ومعاداة المسيحية ومعاداة الإسلام والتمييز الموجه ضد العرب والمسيحيين واليهود والمسلمين والجماعات الدينية وذوى الأصول الأفريقية، وذوى الأصول الآسيوية وللشعوب الأصلية وضحايا الاتجار بالبشر والأشكال الشبيهة بالرق وضحايا الاستعمار والاحتلال الأجنبي والتهميش والإبادة الجماعية.

واتفقت الوثيقة الآسيوية مع وثيقة المؤتمر الأفريقي في التركيز على الفقر والتخلف الاقتصادي وهشاشة الاقتصاد الاجتماعي وكذلك تجاه الخوف من ممارسات مكافحة الإرهاب المبنية على تنميط عنصري، وتنامي الأيديولوجيات العنصرية، وأكدت على مبادئ الكرامة والتنوع الثقافي والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعزيز الدعوة للحوار بين الثقافات والحضارات.

وانفردت الوثيقة الآسيوية بالتفاعل مع عناصر الاجحافات العنصرية الرئيسية لمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي ومعاناة اللجوء.

فأقرت بأن القدس هي مدينة متنوعة دينيا لثلاثة من الأديان العالمية، ودعت لجهد دولي لإنهاء الاحتلال الأجنبي وكافة الممارسات العنصرية، وخاصة في الأماكن المقدسة للديانات الثلاث.

وأعادت التأكيد على أن الاحتلال الاستيطاني، وقوانينه العنصرية والتمييزية، والتي تهدف لدوام الهيمنة لسلطة الاحتلال وممارسته التي تتبنى الإغلاق العسكري، وعزل المدن والبلدات والقرى تحت الاحتلال عن بعضها البعض، إنما تتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتمثل خرقاً خطيراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتشكل سياسة فصل عنصري، وجريمة ضد الإنسانية، وصورة من صور الإبادة الجماعية، وتهديد خطير للسلم والأمن الدوليين.

وفى تناولها للضحايا أعربت عن عميق القلق لوضع اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الذين ’أجبروا على مغادرة مساكنهم بسبب الحرب والسياسات العنصرية للقوة المحتلة، والتي تحول دون حقهم في العودة لديارهم وممتلكاتهم بسبب قوانين العودة التي تتأسس على العنصرية، وأقرت بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة على نحو ما هو مؤسس في قرارات الجمعية العامة وخاصة القرار رقم 194 (3) في 11 ديسمبر 1948، وطالبت بعودتهم لوطنهم وفقاً وتطبيقاً لهذا القرار.

كما أعادت الوثيقة التأكيد على مسئولية المجتمع الدولي لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفى ظل العدوان وممارسات العنصرية والإنكار العمدي لحقوقهم الإنسانية الأساسية، بما فيها الحق في الحياة والحرية وتقرير المصير.
كما أعادت التذكير على مواصلة إنكار حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، وخاصة الحق في تقرير المصير، وحثت الدول الأعضاء على النظر في وضع الشعب الفلسطيني خلال مؤتمر مراجعة ديربان وتطبيق برنامج وإعلان عمل ديربان في سياق العمل على تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
الموضوعات المدرجة على جدول أعمال
مؤتمر مراجعة ديربان

1- التقدم المحرز

أبرزت وثائق المجموعات الدولية الجوانب الإيجابية مثل إنشاء أجهزة وطنية وآليات منوطه بوضع سياسات عامة للقضاء على التمييز وتعزيز المساواة العرقية، والتوسع في الحوار مع المنظمات غير الحكومية وغيرها من قطاعات المجتمع المدني، وتبني سياسات وبرامج لمنع الإصابة بمرض الإيدز في المجتمعات المهددة بالإصابة به، ومساعدة الأشخاص المصابين به.

وأشارت إلي التقدم "الطفيف" على صعيد تبني إجراءات قانونية وإدارية لتعزيز وتقوية الهوية اللغوية والدينية والثقافية للشعوب الأصلية وتهيئة المناخ لإبرازها، وكذلك تبنى إجراءات تشريعية وإدارية بالتوازي مع إنشاء المؤسسات الوطنية لمنع التمييز ضد الأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية وتعزيز المساواة العرقية تجاههم، وإزالة القوانين التمييزية حيالهم في مجالات التعليم والصحة والسكن والنفاذ إلى العدالة والتوظيف.

ورحبت بتبني الأمم المتحدة إعلان حقوق السكان الأصليين، وعبرت عن امتنانها للدول التي اعتذرت رسمياً لضحايا الاستعمار، والتاريخ الماضي الذي شهد عدم عدالة وظلم واعتبار ذلك وسيلة للتصالح والتسامح، وحثت الدول التي لم تعتذر على الاعتذار الفوري، ورحبت بإجراءات إحياء ذكرى ضحايا العبودية وتجارة الرقيق خاصة عبر الأطلسي، مؤكدة على الحاجة إلى إجراءات مماثلة تجاه التجارة عبر الصحراء وعبر المحيط الهندي،

ورصدت تحسين التشريعات العقابية والمدنية التمييزية بهدف مكافحة العنصرية، وتقديم الدعم المالي لمشروعات المجتمع المدني التي تهدف لتعزيز ونشر قيم المساواة، وأعربت عن تقديرها لجهود الدول والمنظمات في منع ومحاربة الاتجار في الأفراد وتأكيد الحماية والمساعدة للضحايا، فضلاً عن تطور الاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى تعزيز التماسك ومعالجة التوتر الاجتماعي، وإلغاء التمييز في التشغيل.

لكن مقابل هذه الجوانب الإيجابية التي اتسمت بنقص التحديد وغلب عليها التعميم، بل وأحياناً الإبهام بشأن التقدم المحرز، حفلت الوثائق الإقليمية بالعديد من بواعث القلق، وتضمنت أشكالاً محددة من أوجه العنصرية، والتمييز العنصري، كان من أبرز مظاهرها الاعتراف بتراجع جهود مكافحة العنصرية، وزيادة العنف العنصري، وتناقص الاهتمام في بعض أنحاء العالم بتطبيق القوانين الدولية والالتزامات الخاصة بخلق المناخ اللازم لمكافحة العنصرية، واستمرار إفلات مرتكبي جرائم العنصرية من العقاب، فضلاً عن الإجراءات المتخذة في سياق مكافحة الإرهاب والي قد تؤدي إلي تصاعد الظواهر العنصرية خاصة تلك المتعلقة بالعنصر والدين والأقليات الدينية في مناطق عديدة من العالم. والافتقار لسياسات وبرامج محددة لمكافحة العنصرية على المستوى الوطني، وانعدام الإرادة السياسية لرفض مظاهر التمييز العنصري بل وتكريسها في مناسبات سياسية.

واعترفت بأن التمييز ظاهرة تؤثر على العديد من الجماعات في مجتمع أمريكا اللاتينية والكاريبي مثل الأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية، والسكان الأصليون والمهاجرون، والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والمسنون واللاجئون وجماعات الغجر وغيرهم من الجماعات الأخرى التي تتعرض للتمييز على أساس الدين أو النوع أو الرأي فضلاً عن ضحايا التمييز المزدوج وضحايا الأمراض المعدية والمزمنة وغيرها من الأمراض.

وأكدت على أن تجارة العبيد عبر الأطلسي كانت وستظل جريمة ضد الإنسانية وأنها أسهمت في تزايد الفقر والإقصاء الاجتماعي للأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية، وأبدت أسفها لعدم تنفيذ التعهدات الواردة في الفقرتين 157, 158 من إعلان ديربن ومطالبة مؤتمر مراجعة ديربن بدراسة موضوع التعويض بالنسبة للأفراد من ذوي الأصول الأفريقية وسلالاتهم وفقاً لما جاء في الفقرات 164,165,166 من برنامج ديربن.

وانتقدت محاولات إضفاء شرعية أدبية أو علمية على بعض الإجراءات العنصرية وبصفة خاصة إعادة إحياء بعض النماذج العنصرية ضد الأفارقة، ونشر أفكار تصنفهم بأنهم على مستوى عنصري أدني من العناصر الأخرى، وهي الأفكار التي شجعت على الاستعمار وتجارة الرقيق في الماضي.

واعترفت بدور الفقر وضعف التنمية وعمليات التهميش والتفرقة الاجتماعية ونقص العدالة الاقتصادية في تكريس العنصرية، وإن العنصرية والتمييز العنصري القائم على العنصر والعرق يؤثر في النساء وتمتعهن بحقوقهن أكثر من الرجال ويؤدي إلى تدهور حياتهن المعيشية، وأكدت على ضرورة الحد من مظاهر المعاداة للسامية والإسلام والمسيحية، وكافة مظاهر العنصرية المعاصرة.

وأشارت إلى تزايد الإسلاموفوبيا والربط بين الإسلام والمسلمين وبين العنف والإرهاب، وفرض قيود على ممارسة الإسلام بما في ذلك إنشاء المساجد، ومراقبة أماكن العبادة والتثقيف والتعليم الإسلامي، وما نتج عن هذه الممارسات من تدهور لأوضاع الأقليات المسلمة في العالم.

2- تقييم فعالية آليات تنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان وغيرها من الآليات ذات الصلة
أعربت الوثائق الصادرة عن المجموعات الإقليمية،، وغيرها من الأوراق التحضيرية المقدمة من دول أو مجموعات،([18]) عن تقديرها لإسهام آليات المؤتمر الدولي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري ورهاب الأجانب وغيره من أشكال التمييز، مؤكدة على أهمية التعاون والتنسيق الفعال بين هذه الآليات، وتفاعلها مع غيرها من الآليات الخاصة للأمم المتحدة.
وثمنت هذه الوثائق عمل المقرر الخاص بالأشكال الحديثة للعنصرية، ودعته إلى إبراز التأثير السلبي للتمييز العنصري، على التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للأقليات القومية والاثنية والدينية واللغوية والمهاجرون واللاجئون والمهجرون، ودعت الدول والمنظمات الحكومية والمنظمات المنخرطة في نظام الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للتعاون الكامل معه، وحثت الدول على قبول زيارته ودراسة توصياته.

وأكدت على الدور الهام الذي قامت به الإجراءات الخاصة الأخرى في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري مثل المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص بحرية الدين والمعتقد، والخبير المستقل المعني بقضايا الأقليات، والمقرر الخاص المعني بأشكال الرق والعبودية الحديثة، والمقرر الخاص بالعنف ضد المرأة، ودعتهم للتعاون لتعزيز مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، كما دعت الدول إلى التعاون الكامل معهم.

ودعت لرفع قدرات المنظمة الدولية في مجال التحليل وجمع المعلومات ذات الصلة بالإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ذات الصلة، ودعم ولاية الخبير الخاص والمعني بمنع الإبادة الجماعية وطالبت الحكومات بالتعاون معه، ومده بالمعلومات ذات الصلة، والاستجابة لاستغاثاته العاجلة، كما دعت الأجهزة المعنية بالأمم المتحدة، إلي إعداد حملات إعلامية فعالة لضمان وصول رسالة مقررات ديربان وكذلك آليات المتابعة الخاصة به إلى الرأي العام.

ودعت الوثائق الدول إلى إنشاء مؤسسات وطنية وإقليمية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وكذلك حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والسماح لهم بالعمل بحرية.

كما أجمعت الوثائق على ضرورة المشاركة الفعالة للمجتمع المدني وضحايا الأشكال المختلفة من العنصرية في جهود مكافحة العنصرية، ودعا بعضها إلى توفير تمويل تطوعي لتسهيل مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في آليات وأنشطة متابعة تنفيذ مقررات ديربان.
وطرحت الوثائق بعض الأساليب التي قد تساعد في تعزيز آليات المتابعة، فدعت المجموعة الأمريكية اللاتينية الدول الأعضاء في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز للتصديق على التعديلات التي أدخلت على المادة 8 والخاصة بالتمويل وتوفير موارد إضافية مناسبة، ورحبت بتوصيات ونتائج مجموعة العمل بين الحكومية، خاصة تلك المتعلقة بمراجعة الثغرات الإجرائية في آليات حقوق الإنسان الدولية، وحثت اللجنة الخاصة بتطوير المعايير على الاستمرار في عملها لمراجعة هذه الثغرات وتفعيل التوصيات الخاصة بالمعايير للقضاء على الأشكال الحديثة للعنصرية والتمييز العنصري من خلال اتفاقية أو برتوكول جديد للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وشجعت وحدة مناهضة العنصرية في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان على الاستمرار في عملها لتقديم الدعم لآليات مجلس حقوق الإنسان لمراقبة تطبيق مقررات ديربان.

وعبرت عن أهمية جهود خبراء مجموعة العمل الخاصة بالأشخاص من ذوي الأصول الإفريقية في تحليل تزايد العنصرية تجاه الأشخاص من ذوي الأصول الإفريقية، ودعت الدول إلى تبني إجراءات عاجلة لتعويضهم وإنصافهم، وطالبت الدول بتطبيق النتائج والتوصيات التي توافق عليها الخبراء خاصة في مجال الصحة والتوظيف والسكن والتعليم والإعلام، كما دعت الدول إلى وضع توصيات مجموعة الخمس التي تشكلت لتطوير المعايير موضع التنفيذ، وحثت على تطوير الوعي وتدريب الموظفين الحكوميين والأخصائيين الاجتماعيين من أجل القضاء على التمييز العنصري والعنصرية ورهاب الأجانب، وطالبت المفوض السامي لحقوق الإنسان بالنظر في إمكانية إعداد دليل للمساواة العرقية كما جاء في مطالب لجنة الخبراء.

ودعت المجموعة الأفريقية المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى زيادة جهود مكافحة العنصرية والتمييز العنصري ورهاب الأجانب، ودمج آليات المكافحة في صلب أنشطته وبرامج مكتبه، ودعت مجلس حقوق الإنسان إلى تمويل هذه الآليات وزيادة قدراتها، وحثت الدول على مواصلة جهودها لنشر الوعي بها.

وعبرت عن الحاجة الملحة لجهود خبراء مجموعة العمل المعنية بالأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية في فحص الوقائع والمواقف الحالية وتزايد العنصرية حيالهم في الشتات، وحثت على دمج قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة61/19 و 62/122 المعنيان بالاتجار في البشر عبر الأطلنطي بشكل كامل في ولاية آليات مقررات ديربان، وأبدت أسفها لعدم وجود آلية لمتابعة هذا الإنجاز من قبل فرق العمل الحكومية، وطالبت مجلس حقوق الإنسان بتنظيم ورشة عمل تغطي كافة جوانب تجارة الرقيق عبر الأطلنطي وتضمين نتائجها ومقترحاتها في الجهود التحضيرية لمؤتمر مراجعة ديربان.

وأكدت منظمة المؤتمر الإسلامي على أهمية الالتزام السياسي بالقضية ودعت إلى التعاون الفعال بين آليات ديربان المتعددة، وتفاعلها الدوري مع الآليات الخاصة ذات الصلة مثل لجنة القضاء على التمييز العنصري ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومتابعة مقترحاتها، وأن يضع المقررون الخواص هذه المقترحات في اعتبارهم أثناء إعدادهم للتقارير، وأن تجد المقترحات ذات الصلة مكاناً لها في المعايير الدولية الجديدة وأن تكون قضية العنصرية في صلب نظام الأمم المتحدة.

وعبرت المجموعة الأوروبية عن قلقها من آليات التأطير ذات الصلة بالعنصرية والتمييز العنصري والتي تقوض فعالية جهود مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وتنتقص من سبل وصولها للعالم الخارجي، وخاصة إمكانية وصول ضحايا العنصرية والتمييز العنصري إليها، وتزيد من مخاطر التشابك والتكرار والتضارب بينها.
واقترحت إلغاء لجنة الخبراء الخمس واستبدالها بجهاز آخر مناسب يتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.

ودعت إلى تعاون مجموعة عمل الخبراء المكلفة بمتابعة أوضاع الأشخاص من ذوي الأصول الأفريقية مع كافة الآليات الأخرى ذات الصلة لضمان اقتراب دولي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري والمعاملة المتساوية للضحايا، ودعت المفوض السامي إلى جمع البيانات والممارسات الفضلى في مجال مكافحة العنصرية والتمييز العنصري في العالم ومواصلة التعاون مع الأجهزة الإقليمية والوطنية ذات الصلة.

واقترحت المجموعة الآسيوية تضمين القرارات الخاصة بالعنصرية في تقارير المقررين الخواص، وإعطاء أولوية للتوصيات الخاصة بآليات مكافحة العنصرية، كما اقترحت تضمين التوصيات الخاصة بالعنصرية في المعايير الدولية الجديدة، وأن يناط بمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مهمة متابعة الآليات المتوافق عليها، وأكدت على أهمية عمل اللجنة الخاصة بالمعايير لإعداد وثيقة تعالج الثغرات في المعاهدات الدولية الخاصة بمكافحة العنصرية وجميع أشكال التمييز العنصري.

وأكدت على ضرورة الحد من التحريض على كراهية الأديان أو تلك القائمة على أساس العرق أو التعبير عن هذه الكراهية بالعنف، باستخدام الآليات المتوفرة، وانفردت بنفي الحاجة إلي استنباط معايير جديدة في هذا الشأن كما جاء في تقارير مجلس حقوق الإنسان.

3. توسيع نطاق المصادقة الدولية على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، والتنفيذ الفعال لتوصيات لجنة القضاء على التمييز العنصري
أجمعت الوثائق الخمس على أهمية دعوة كافة الدول إلى الاحترام الكامل للاتفاقية الدولية للقضاء على العنصرية بوصفها المرجعية الأساسية للمجتمع الدولي في حربه على العنصرية والتمييز العنصري، كما أجمعت على ضرورة دفع الجهود نحو المصادقة الدولية على الاتفاقية.

كما أكدت الوثائق الخمس على ضرورة وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها التعاهدية في إحالة التقارير الدورية إلى اللجنة في موعدها، ونبه المؤتمر الأوروبي وكذلك الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي على ضرورة توقف الدول عن تقييد الاتفاقية بتحفظات تتعارض مع أهدافها ومقاصدها، كما أجمعت المؤتمرات الخمس على ضرورة تطبيق اقتراحات اللجنة، ودعت إلى تبني إجراءات مختلفة لضمان تنفيذ الملاحظات الختامية التي توردها لجنة القضاء على العنصرية، وتطبيق مقترحاتها.

ودعا كل من المؤتمر الأوروبي والأفريقي مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية إلى مساعدة الدول للوفاء بتعهداتها وإحالة التقارير إلى اللجنة في موعدها، ودعا كل من المؤتمر الأفريقي ومؤتمر دول أمريكا اللاتينية والكاريبي الدول التي تحجم عن الانضمام لاتفاقية حماية العمال المهاجرون وأسرهم إلى الانضمام، كما دعا مؤتمر أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى الأخذ في الاعتبار الإسهامات الاقتصادية والثقافية للعمال المهاجرون في مجتمعاتهم الجديدة ووضع سياسات و خطط عمل تعزز قيم التسامح بين العمال المهاجرون ومجتمعاتهم المضيفة، وتحث الدول على عدم السماح بأن تتحول مناطق استقبالهم إلى مناطق غير خاضعة للقانون بشكل عام ولطالبي اللجوء بشكل خاص.

كما دعا المؤتمر الأوروبي والأفريقي إلى إعطاء المجتمع المدني الفرصة للمشاركة الكاملة في عملية إعداد التقارير وإحالتها للجان التعاهدية.(تعزيز المشاركة مع المجتمع المدني)، ورحب المؤتمر الأوروبي بآلية الإنذار المبكر والتحرك العاجل التي أنشأتها لجنة القضاء على العنصرية، وجدد المؤتمر الأفريقي طلبه لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لمواصلة جهوده لزيادة الوعي بأهمية عمل لجنة القضاء على العنصرية، وأكد كل من المؤتمر الأوروبي والأفريقي على أهمية تخويل لجنة القضاء على العنصرية القيام بزيارات ميدانية وأن تقوم بدور في مساعدة الآليات الوطنية المنوطة بمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.

4. الممارسات الجيدة
أكد كل من المؤتمر الأوروبي ومؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي أهمية الفصل بين حرية الرأي والتعبير وبين التحريض على العنف والكراهية بالاستناد إلى المادتين 19 و20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وأجمعت الوثائق الخمس على أهمية تقوية المؤسسات الوطنية والإقليمية لرفع قدرتها على مكافحة العنصرية، كما أجمعت على ضرورة وصول الضحايا للعدالة، وأكد المؤتمر الأوروبي على ضرورة محاربة الحصانة التي تحمي مقترفي جرائم العنصرية وتغليظ العقوبات على الجرائم ذات الدوافع العنصرية، ودعا كل من المؤتمر الآسيوي والأفريقي إلى تقديم اعتذار رسمي لضحايا الاستعمار وغيرهم من ضحايا الجور التاريخي والتعويض عن آثار هذا الجور، ودعا المؤتمر الآسيوي إلى ضرورة تقديم دول الاستعمار وثائق ثبوتية لبلدان الضحايا الأصلية، ودعا المؤتمر الأفريقي إلى إطلاق عملية واسعة للتغلب على قرون العنصرية وإنشاء لجان حقيقة ومصالحة وطنية.

وأجمعت الوثائق الخمس على إنشاء مؤسسات وطنية تكون مسئولة عن نشر قيم التسامح واستخدم الحوار لتحقق التناغم بين الثقافات المختلفة، كما أجمعت على أهمية دور الإعلام في مناهضة خطاب الكراهية والتحريض على العنصرية، وضرورة تطوير أطر قانونية لمواجهة الأفكار والسياسات العنصرية، كما أجمعت على ضرورة استنباط وتطوير خطط عمل وطنية لتعزيز التعددية ومكافحة العنصرية، وضرورة وضع سياسات وآليات لمنع ومعاقبة مرتكبي جرائم العنصرية.

وأكد المؤتمر الآسيوي على أهمية تطوير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لقاعدة بيانات تحتوى على معلومات تكون بمثابة وسائل عملية لمواجهة العنصرية والتمييز العنصري وخاصة الآليات الإقليمية والدولية والتشريعات الوطنية بما قيها التشريعات المناهضة للعنصرية وكذلك الوسائل القانونية لمكافحة التمييز العنصري والمعالجة المتاحة للضحايا من خلال الآليات الدولية والوطنية.

وطالب المؤتمر الأفريقي مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بإعداد سلسلة مؤلفات للممارسات الجيدة في مجالات الوصول إلى السكن والتعليم والصحة والعمل وكذلك أطر العمل القانونية والمؤسسية التي تستهدف الأفراد من ذوي الأصول الأفريقية والمهاجرون.

ودعا مؤتمر أمريكا اللاتينية والكاريبي الدول إلى تصميم نظام لمؤشرات المساواة العرقية و/أو دليل للمساواة العرقية لتعزيز الحق في الخصوصية.
* * *

مراجع عامة:
- إعلان وبرنامج عمل المؤتمر العالمي الثالث لحقوق الإنسان، فيينا 1993
- إعلان بكين، المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، بكين 1995
- أعمال المنتدى بشأن مسائل الأقليات، والذي أسسه مجلس حقوق الإنسان في العام 2007
- د. بطرس بطرس غالي، السكرتير العام السابق للأمم المتحدة، أجندة للسلام، تقرير صادر في 31 يناير/كانون ثان 1992، " .. حل مشاكل الأقليات – في ظل اكتساب ظاهرة التأكيد على القومية والسيادة المزيد من الشراسة في ظهورها- يقوم على الالتزام بحقوق الإنسان مع حساسية خاصة في معالجة مسائل الأقليات، سواء كانت عرقية أو دينية، أو اجتماعية، أو لغوية.."، وتبنى هذه الرؤية مجلس الأمن في معالجته القضايا في يوغوسلافيا السابقة في يونيو/حزيران 1992
- السيد كوفي آنان، السكرتير العام السابق للأمم المتحدة، تقرير حول الألفية، 3 أبريل/نيسان 2000، ".. معظم النزاعات تقوم بصفة خاصة في البلدان التي يُساء فيها الحكم، أو عندما يساء توزيع السلطات والثروات فيها على نحو غير عادل بين الجماعات العرقية أو الدينية، وأفضل طريق لمنع النزاع يقوم على تعزيز الترتيبات السياسية التي تسمح بالتمثيل العادل للأقليات بالتلازم مع تعزيز حقوق الإنسان وحقوق الأقليات والتنمية الاقتصادية واسعة النطاق.."، وقد تبنت قمة ألألقية هذه الرؤية.
- ) الإعلان بشان حقوق الشعوب الأصلية، الجمعية العامة للأمم المتحدة (في 13 سبتمبر/أيلول 2007)
- اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 الخاصة بالشعوب الأصلية، يونيو/حزيران 1989، دخلت حيز النفاذ في سبتمبر/أيلول 1991
- أنظر أعمال فريق عمل الأمم المتحدة للشعوب الأصلية، أسسته اللجنة الفرعية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان (المتخصصة في حماية الأقليات)، واستبدله مجلس حقوق الإنسان في العام 2007 بآلية خبراء معنيين بحقوق الشعوب الأصلية
- أنظر أيضاً أعمال المنتدى الدائم للشعوب الأصلية، أسسه المجلس الاقتصادي الاجتماعي بالأمم المتحدة في العام 2000
- تقرير مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعوب الأصلية، منذ العام 2001
- اتفاقية منظمة الدول الأمريكية بشأن اللجوء (1928)، اتفاقية منظمة الدول الأمريكية بشأن اللجوء السياسي (1933)، اتفاقية منظمة الدول الأمريكية بشأن اللجوء الدبلوماسي (1954)، اتفاقية منظمة الدول الأمريكية بشأن اللجوء الإقليمي (1954)
- الاتفاقية الحاكمة لجوانب محددة من مشكلة اللاجئين في أفريقيا، دخلت حيز النفاذ في العام 1974
(1) المادة 1: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
(2) المادة 2: لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
المادة 7: كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.
(3) الاتفاقية الدولية للقضاء علي كافة أشكال التمييز العنصري ، اعتمدت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) في 21 ديسمبر/كانون أول 1965. بحلول 31 يناير/كانون ثان 2009، كانت 173 دولة قد أصبحت عضواً في الاتفاقية

(4) إعلان منظمة اليونسكو حول محاباة العرق والمحاباة العنصرية، 1978

(5) أنظر أيضاً :
- إعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري ، الجمعية العامة 1904 (د-18) 1963
- إعلان بشأن العنصر والتحيز العنصري ، المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين، 1978.
- الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية ، الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/64، 1985.
- الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم ، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 1960
- بروتوكول إنشاء لجنة للتوفيق والمساعي الحميدة يناط بها البحث عن تسوية لأية خلافات قد تنشأ بين الدول الأطراف في الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم ، اعتمده المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 1962.
- الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ، الجمعية العامة للأمم المتحدة 3068 (د-28) 1973ودخلت حيز النفاذ في 1976،.
- إعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب ، ا المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين، 1978.
- إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد ، الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/55، 1981.
- إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية ، الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/135، 1992
(6) "1-تحظر بالقانون أية دعاية للحرب، 2- تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف"، وأنظر أيضاً المواد 2 (1)، و4(1)، 24 (1)، و25، 26
(7) A/CONF. 189/12
(8) http://www2.ohchr.org/english/issues/racism/groups/african/4african.htm
(9) السيد دودو ديين (السنغال)، بين عامي 2002 و2008، وقد خلفه السيد جيثو مويجاي (كينيا) منذ العام 2008
http://www2.ohchr.org/english/issues/racism/rapporteur/index.htm
(10) http://www2.ohchr.org/english/issues/terrorism/rapporteur/srchr.htm
(11) http://www2.ohchr.org/english/issues/migration/rapporteur/index.htm
(12) http://www2.ohchr.org/english/issues/women/rapporteur/index.htm
(13) A/CONF.211/PC/RPM/2/CRP.1
(14) http://www.un.org/durbanreview2009/pdf/Final_report_Abuja_Rev.pdf
(15) http://www.un.org/durbanreview2009/pdf/OIC_contribution.pdf
(16) http://www.un.org/durbanreview2009/pdf/A.CONF.211.PC.3.6.pdf
(17) http://www.un.org/durbanreview2009/pdf/A.CONF.211.PC.3.5Final.pdf
(18) http://www.un.org/durbanreview2009/sessions.shtm